2009/11/30
مواطن صباي
2009/11/23
مصر والجزائر ... لم ينجح أحد !!
في الحقيقة أن شخص ما في القاهرة كان يمسك بطرف الخيط ، وشخص آخر في العاصمة الجزائر كان يمسك بالطرف الآخر ، وعلى طول الخيط المشدود كان يتأرجح الجميع ، وحبس الناس أنفاسهم من أن يقوم أحد الطرفين بإفلات الخيط من يده فيهوي المتأرجحون إلى هاوية من المجهول واللا معقول .. هذا إنطباع أولي رسخ بمخيلتي وأنا أتابع مجريات الأحداث التي تلت مبارة الكراهية التي جمعت بين المنتخبين المصري والجزائري يوم الثامن عشر من نوفمبر الجاري بالسودان في التصفيات المؤهلة لبطولة كأس العالم 2010 والتي كسب الفريق الجزائري بطاقة التأهل لها بينما خسرها نظيره المصري ، وبإنقضاء المباراة تم تدشين أحد أكثر فصول الحمق بين بلدين عربيين على خلفية ما قيل أنها إعتداءات طالت الجمهور المصري الذي كان حاضراً للمبارة من قبل الجمهور الجزائري ، فنصبت على عجل خيام عصرية لسوق عكاظ رسم الشعراء فيها صور قاتمة وباكية وإستحثوا الهمم الجائعة والنفوس النهمة فتنادى القوم فيما بينهم أن أصبروا وصابروا ورابطوا ، إن هذا لشئ ُيراد ، وبات البلدان في قلب الإعصار ، وقرع المتعصبون طبول الحرب في إنتظار إشارة لبدء موسم طويل من الأحزان .
وفي خضم الموسم الشاتي أيقظ الجميع التاريخ من سباته وقلبوا صفحاته العتيقة وأعادوا محاولة قراءة سطوره من جديد لعل في ثنايا السطور ما يعين على حرب المن والمعايرة فتطايرت إلى الأسماع أيقونات متحفية من عينة دولة المرابطين وحرب التحرير الجزائرية ، وهواري بومدين ، وجميلة بوحريد ، وجمال عبد الناصر ، حتى وردة الجزائرية لم تكن غائبة عن المشهد .
أما على الصعيد الشخصي وبصراحة فقد رسبت في إمتحان الثبات والقدرات ، فبعد المباراة وعلى طريقة الكبار في لعبة التنس أطحت بجهاز الريموت كنترول بضربة Back Hand رائعة خرجت على أثرها أحشائه جميعاً في لقطة أظهرت كم جينات الغوغائية التي أتمتع بها ، وبدا لي الأمر بعد ذلك وكأنه في حاجة إلى تبرير أمام إبني الذي كان يشاهد المبارة معي فألقيت عليه سؤال على طريقة مدرسي اللغة العربية ذوي النظارات الطبية السميكة مسائلاً إياه :-
- ضع علامة (√) أو علامة (×) أمام العبارة التالية :
لست حزيناً لهزيمة المنتخب المصري ، ولكن ما يحزنني حقاً هو أن تصعد الجزائر .
فأجابني إبني بسرعة ملفتة ... أضع علامة (√)
قلت في نفسي .. نعم .. نعم .. فها هو غوغائي آخر في الطريق .
2009/11/03
لزوم ما لا يلزم .. أحياناً
حقاً ربما لن يضيرك كثيراً أمر بقايا الهنود الحمر في نطاق كفاح من تبقى منهم للمحافظة على هويتهم الثقافية من الإندثار ، وربما لن تلتفت كثيراً إلى قبائل الطوارق في الصحراء المغاربية في إطار جهودها لتوفير سبل العيش في حده الأدنى ، وقد لا تشغلك أبداً معضلة ندرة المياه وقلة الأمطار والجفاف والتصحر التي تصيب بعض البلدان الأفريقية ، ويجوز أن الأرق لم يعرف طريقه إليك بعدما علمت أن شخصاً واحداً من بين كل ستة أشخاص في العالم لا يجدون ما يسدون به رمقهم ، ومن المحتمل أيضاً أنه لم يهتز لك جفن وأنت تشاهد جموع المشردين أو المنكوبين لا يجدون ما يدرأ عنهم الغوائل سوى التنقيب عن لقمة في أكوام النفايات والمبيت في أكواخ من صفيح .
حقاً قد لا تنشغل بأي من هذه القضايا مفضلاً أو مضطراً - كيفما أتفق - إلى الإنكباب على قضاياك الضيقة والشخصية وستجد بالتأكيد كثير من التبريرات إزاء موقفك هذا ، وعليه فإنه سيكون من الإجحاف مثلاً أن نطلب من المواطن العراقي البسيط الذي يعاين صباح مساء مشاهد حية من حمامات الدم اللا منتهية أن يولي قدر من إهتمامه بأمر مواطن فقير يسكن على أطراف إحدى الغابات الأفريقية ، وسيكون ربما من المستفز تماماً أن تحث مواطناً عربياً يقع فريسة المرض أوالفقر أو إنتهاك أبسط حقوقه الأساسية على أن يبدى تعاطفاً ما مع مزارع بسيط بحقول الأرز بفيتنام .
كل هذا صحيح ومن الممكن تفهمه ، ولكن ما أود قوله أن الهموم الإنسانية غالباً ما تتشابه وُتذرف بشأنها ذات الدموع وتعتمل بداخلنا إزاءها نفس المشاعر تقريباً ، وصحيح أيضاً أن المواطنين البسطاء في أقاصي المعمورة قد لا يعلمون بأمر إهتمامك بأي منهم ولا بمبلغ تبنيك أو تفاعلك مع أي من قضاياهم المعيشية والعملية أو حتى بقدر تعاطفك معهم على أقل تقدير ، إنما الأهم أنك وبوصفك إنساناً تكون قد لبيت بذاك الإهتمام أو التعاطف أو حتى بتلك المشاركة الوجدانية البسيطة الحدود الدنيا لإنسانيتك ورويت ظمأ نفسك التواقة دوماً للتواصل ولو عن بعد مع أقران لك على الضفة الأخرى من النهر .
وإذا كان الرباط الروحي للمنتسبين إلى جماعة دينية أو مذهبية معينة أمر في غاية الإهتمام بالنسبة لهم لإتصاله الوثيق والمباشر بالمعتقد الواحد الذي يجمعهم والإله الواحد الذي يتوجهون إليه بالصلاة والدعاء والرسول الواحد الذي يعملون على إقتفاء أثره وهديه بما يبرر لهم ربما قصر جهودهم المتعلقة بالتأييد والمساندة على أفراد هذه الجماعة أو تلك الفرقة التي ينتمون إليها دون غيرها ، فإن هذا الرباط الروحي رغم أهميته الظاهرة بل والمنطقية ينبغي أن لا يكون معناه التقوقع أو الإنصراف والإلتفات كلية عن ما يحدث في الأطراف الأخرى من العالم قل شأنها أم عظم أمرها ، دون أن يعني ذلك بطبيعة الحال أن ُتصرف ذهنك وكلياتك إلى الإهتمام بقضايا كتلك التي يهتم بها بعض الظرفاء منا كموضوع المكونات الخاصة بالسيجار الكوبي الفاخر ، أو نوعية الطعام الذي ُيقدم مثلاً لكلب ملكة بريطانيا ، أو نوع ورق التواليت المعطر الذي يستخدمه الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي بحمامه .
موضوعات المدونة
- عندما يأتي المساء (127)
- أوراقي الصفراء (36)
- مقالات برمجية (16)
- قول من قول (11)
- مكاتيبي (9)
- القوارير (6)
- مصر الثائرة (6)
- الآتيليه (4)
- غفوات النفس (1)