أي سلطة هذه التي تجعل نفر من الناس يتبخترون على عباد الله ويذللوا لأولياء عهدهم من بعدهم العزيز من أعناق الرجال ، ويخضعوا لهم النفيس من كرائم شمائلهم ؟ وأي شهوة تلك التي تثير في نفوس هؤلاء النفر كل هذا الشبق المحموم والمختلط بدم ولحوم رعايهم ؟ وأية لذة يجدونها وهم يستعمون لأنات وصرخات الصرعى تحت ظلال من إصكاك السيوف بالعظام ذاهبة بما بقى من هامات عالية ونفوس شريفة ؟ وأي مغنم هذا الذي يجنونه من أفواه فارغة ، وبطون خاوية ومن ألسن ُعقدت فلم تعد حتى قادرة حتى عن المجاهرة بالشكوى أو البوح بها ؟ فأي مجد يبنونه وأية أسوار يرفعونها ؟ لا ريب أن هذه التساؤلات وغيرها مرت على خواطر كسيرة وذكريات أسيفة لبعض منا ، وحار الكثير جواباً لها ، لكنه هو الإرث أعزائي .. ذلك البريق اللامع الذي خطف القلوب قبل الأبصار فهيمن على حفنة من مرضى العقول والأفئدة فتسلطوا على خلق كخلقهم ونفوس كنفوسهم ، إننا في الواقع إزاء حالة نفسية مرضية أكثر منها إشكال سياسي أو تنظيمي ، فأصحاب العقول وذوي الألباب والفطن يأبون إلا الراحة من عناء الترف وثقل الصولجان لما يعلمونه من عاقبة أو مآل ، وهذه الحقيقة ليست بخافية على أحد من هؤلاء الظلمة المتسلطين ، إنما لا تتبدى لهم واضحة ولا يعاينونها معاينة الحاذق اللبيب إلا لدى إنفلات أرواحهم وإنطمارهم في الموحش من ذاكرة شعوبهم ، فلما التقاتل عليها إذن ، والحب والبغض فيها ؟إن كان للمرء منا إلمام ولو عابر بالتاريخ لسهل عليه إدراك أن قيام المعاصرين من حكام العرب والمسلمين بتوريث مقاليد حكمهم لمن يلوونهم من إبن أو أخ أو عشيرة ليست ظاهرة لا بالجديدة ولا بالمستحدثة وإنما هي في الواقع ظاهرة عميقة بل متجذرة في تاريخنا الإسلامي والعربي
ومنذ بداياته الأولى ، وأمر التوريث ربما كان مبرراً بل ومعقولاً أحياناً في تلك العهود الغابرة ، ذلك أن الأمر كان يتعلق في النهاية لا بدولة بالمفهوم والمدلول السياسي لها كما نعرفه في تاريخنا الحديث أو المعاصر، بل كانت نظم الأسرة ومصالح العائلة وشرف القبيلة هي التي كانت تشكل وجدان النظم السياسية والإقتصادية والإجتماعية القائمة آنذاك ، حيث كانت هذه النظم مختزلة تماماً في شخص أو أشخاص قليلون قائمون ومقدرون على تدبير أمورها ، فكان توريث المنصب أو الجاه آنذاك أمر لا يجافي الواقع ولا العادة بل أمر كانت تقبله النفوس ولا تنفر منه ، بل وتعتبره شأناً يستقيم والمجرى العادي من الأمور . ولكن الملفت بحق أنه وعلى الرغم من تدافع عجلات الزمن إلى الإمام وتطور الجماعات والقبائل والتي باتت لاحقاً تشكل دولاً وممالك وإمارات ، وعلى الرغم كذلك من تطور أدوات ونظم الحكم من مبدأ الشوري والبيعة مروراً بأفكار كالولاية والإمامة وغيرها وصولاً إلى مفهوم الديمقراطية فإنه وحتى الآن لم يتجاوز هؤلاء النفر من حكام المسلمين من تجاوز إرثهم القبلي اللامع ، ولا نسوا ذاك الوهج الذي يداعب خيالاتهم ويرقى بنفوسهم إلى مصافٍ من الطمع والطمح
ومنذ بداياته الأولى ، وأمر التوريث ربما كان مبرراً بل ومعقولاً أحياناً في تلك العهود الغابرة ، ذلك أن الأمر كان يتعلق في النهاية لا بدولة بالمفهوم والمدلول السياسي لها كما نعرفه في تاريخنا الحديث أو المعاصر، بل كانت نظم الأسرة ومصالح العائلة وشرف القبيلة هي التي كانت تشكل وجدان النظم السياسية والإقتصادية والإجتماعية القائمة آنذاك ، حيث كانت هذه النظم مختزلة تماماً في شخص أو أشخاص قليلون قائمون ومقدرون على تدبير أمورها ، فكان توريث المنصب أو الجاه آنذاك أمر لا يجافي الواقع ولا العادة بل أمر كانت تقبله النفوس ولا تنفر منه ، بل وتعتبره شأناً يستقيم والمجرى العادي من الأمور . ولكن الملفت بحق أنه وعلى الرغم من تدافع عجلات الزمن إلى الإمام وتطور الجماعات والقبائل والتي باتت لاحقاً تشكل دولاً وممالك وإمارات ، وعلى الرغم كذلك من تطور أدوات ونظم الحكم من مبدأ الشوري والبيعة مروراً بأفكار كالولاية والإمامة وغيرها وصولاً إلى مفهوم الديمقراطية فإنه وحتى الآن لم يتجاوز هؤلاء النفر من حكام المسلمين من تجاوز إرثهم القبلي اللامع ، ولا نسوا ذاك الوهج الذي يداعب خيالاتهم ويرقى بنفوسهم إلى مصافٍ من الطمع والطمحيُتبع

