2007/12/09
كان .. فعلُ ُ حاضر
2007/11/03
2- صداقة صامتة
- رويداَ يا نفسي رويداً
- فما أنكرت صحبتك
- وما مللت رفقتك
- ولكنني يا أنا إمرؤ يختنق
- وما لي ألا أختنق ؟
- فقد أضحى المد الأخضر منحسر
- وما عادت المياه صافية .. وأصبح الهواء ملوثاً
- وأمست النفوس في كدر
- وباتت العقول في ُشُغل
- فالأمن ُمفتقد والأمل ُمختلق
- وبين هذا وذاك أحيي ..أجيبيني يا نفسي ألم يُخلق الإنسان في كبد ؟
- ألواننا تبدلت
- أمزجتنا تفرقت
- طموحاتنا تبعثرت
- سُحبنا السوداء في إزدياد
- وإبتساماتنا المهدورة في إضطراد
- غدا الأمس حاضرنا فيه نحيى ونأسى
- وبات الغد بوجله موعد لنا
- ولما سئمت الضجيج
- ضجيج الأصوات وضجيج المشاعر آويت إليك يا نفسي
- وقد كنت أنتِ على الموعد كعادتك
- أوسعتِ ليً عندكِ مكاناً
- ومهدت ليً ُفرشاً وبساطاً
- هدأتِ من روعي
- وأسكنتِ من غضبي
- وجففتِ من عرقي
- وأعدتِ إلي إبتساماتٍ ضنينة بتذكيرك إياي بواقعات من غابرات الأيام
- ولكن لطفاً لا تحاولين العبث بوتر الذاكرة المرهقة والعقل المنهك
- فما عادت الذاكرة ذاكرتي ، ولا بات العقل عقلي
- أتعجبين ! .. لا .. لا تفعلين .. فإنه منطق السنين
- ولكن دعينا الآن من رائحة الماضي .. هل أبوح لك بسر ؟
- أتعلمين .. لقد وددت دوماً أن أراكِ
- أعلم أنكِ كائن لطيف لا يُدرك بأي طريق
- ولكن دعيني أسألك .. هل تشبهينني ؟
- هل تتمتعين بنفس قامتي ؟
- ألك صوت أم أنك تكتفين بالوحي والإلقاء في الروع ؟
- هل تنامين .. أم تكتفين بدور المراقب اليقظ ؟
- هل أنت قانعة بصحبتي ؟
- بالمناسبة .. لقد سمعت أحدهم مرة يهتف بإسمي ولما إلتفت ولم أر أحداً من حولي ظننت أنه أنتِ
- أكنتِ أنت حقاً ؟
- فلما تمارسين إذن شغبك الجميل معي ؟
- أكاد أراك الآن تبتسمين
- أم تراك مني تسخرين ؟
- أعلم طيبتك ولولا هذا ما ألفت عشرتك
- وطالما قدر لنا أن نكون صديقين
- فما رأيك ِ أن نتعاهد معاً على حفظ السر والوفاء بالبر؟
- فعليكِ تجاهي عهود ، وعليً قبلكِ حدود .. أتوافقين ؟
- حسناً، فأما عهودك قبلي أن ُتنشطين عقلي بخضرة نضرة وذكريات عطرة
- وأن تعيدين على مسامعي تظاهرة الطيور وزحامها الجميل عند إلتقاط الحَب والبذور
- ويا حبذا لو تقومين بعزف بديع لتساقط المطر على المروج
- وصوت تعانق أوراق الشجر إذا ما هبت من الرياح نسائـمُ
- وأما حدودي قبلك فلا أنزعن عن رأي لكِ سديد
- ولا أوردك مورداً له تكرهين
- صامتة هي هذه الصداقة .. أعلم ذلك .. ولكنها ملىء بكل صخب الأصدقاء وعبثهم
- هل أتخذُكِ بدلاً عنهم خليلاً ؟
- هذا ما أجدني مدفوعاً إلى قوله
- فلن أجد من دونكِ وفياً مخلصاً ولا لعثراتي مقيلاً
- فما أروع صداقتك وطيب معشرك
2007/10/24
1- صداقة صامتة
2007/07/30
شخابيط
كثيراً ما كنت أحث أبنائي على المحافظة على نظافة كتبهم ودفاترهم المدرسية والتجنب ما أمكن الشخبطة والكشط والشطب وإستخدام المزيل الأبيض في تصحيح الكلمات أو تصويب الحروف التي يكتبونها ، وأحثهم كذلك على الكتابة بخط منمق مقروء ، فالخطوط عموماً تعد مدخلاً لتفسير شخصية كاتبها كما تقول بذلك بعض الأبحاث العلمية ، ويعد والدي – متعه الله بالصحة – من أصحاب الخطوط المنمقة والبالغة في الصغر وكان خطه ولا يزال آية في الوضوح والجمال ، وكان من عادته إن أراد أن يكتب خطاباً لأحدنا فإنه يخط خطابه دوماً على ورق أبيض غير مسطر ، ولكننا كنا نجد أن أسطره قد إنتظمت بداية ونهاية دون ميل أو إنحراف أو شطط وكأنه يكتب على أسطر لا نراها وبشكل بديع لا يكاد يُصدق ، بل أنه وإذا شاءت الأقدار أن يخط رسالة على أوراق مسطرة فإنه كان يتجنب الكتابة على الأسطر وإنما كان يكتب على الفراغ الأبيض الكائن بين السطور، ولم أجد تفسيراً لهذا الأمر حتى الآن ، ويبدو أني ورثت عنه هذه العادة بدون أن أرتب لهذا الأمر أو أن أخطط له ، كما كنت أعتقد أني ورثت عنه كذلك النظام والتنميق والترتيب في العمل إلا أنني إكتشفت – أو هكذا بدا لي – أنني لست أقل طفولة من أولادي ، فما أن أدخل غرفتهم وأتصفح بتلصص أبوي عطوف بعض كتبهم ودفاترهم المدرسية حتى أبادر بإلتقاط ورقة فارغة وأنغمس في الرسم عليها خطوطاً غير منتظمة وكتابة أرقام وكلمات بالعربية والإنجليزية ، ويمضي بي الوقت رويداً رويداً حتى أعاود النظر فيما خططته بعد فترة لأكتشف أن هذه الورقة الصغيرة قد توجعت من كثرة ما تداخل بها من حروف ورسومات وأرقام وأشكال بمختلف الأحجام وتبدو عصية على الفهم أحياناً لمن يقع نظره عليها لأول وهلة ، بل ولا يكاد يُصدق أن رب البيت الذي يمطر أولاده بالتعليمات وبما ينبغي وبما لا ينبغي هو صاحب هذه اللوحة السريالية العجيبة والتي لا يكاد يخلو طرف منها إلا وقد نالها قسط من الطلاسم وغريب الصور ، وبد لي في البداية أن الأمر ربما كان محل مصادفة لا ينبغي أن أفسره على غير ما يحتمل ، إلا أنني قد عاودت الإكتشاف بأن الأمر ليس بهذه البساطة ، إذ تبين لي أن هذه العادة متجذرة داخلي ، فبعد إنتهاء يوم عملي أقوم كالمعتاد بلملمة أغراضي وتنظيم مكتبي قبل مغادرته حيث يتبين لي أن هناك بعض من القصاصات هنا وهناك قد نال منها قلمي بلا رحمة جيئة وذهابا طولاً وعرضاً وعلى مدار عملي اليومي ، فهذا رقم هاتف لأحدهم تم بشكل لا إرادي تشويهه ، وذاك أحد الأسماء ُرسم في منتصف حروفه قلباً أصابه سهم ، وهنا أسم ذكر قلبته إسم أنثي ، وهناك إسم يشابه أسم أحد أبنائي قمت بإحاطته بهالة مزركشة ، وفي هذا الجانب إسم شخص قمت بثقب حروفه بقلمي المدبب ، كل ذلك يتم بشكل لا إرادي ، بل أنني أحياناً لا أكاد اذكر متي قمت بذلك وفي أي مناسبة ، ثم أنني حاولت أن أجد تفسيراً فلسفياً ذاتياً لهذا الأمر فلم يسعفني ذلك التفسير إلا بالقدر الذي رأيته مفسراً لمشاعر الغضب أو الرضى أو الميل أو البعد النفسي أوالعاطفي لصاحب هذا الإسم أو ذاك الرقم ، فالأمر مبعثه نفسي إذن لا أكثر ولا أقل ، ومن الممكن التعويل عليه إذا أردنا أن نقف على حقيقة كوامن شخصياتنا ، والطفولة التي تعشعش داخل كل منا بعبثها وجنونها وعبقريتها أحياناً .
2007/05/06
عندما يكون الهروب جميلاً
2007/04/24
6- شيعة وسنة ... لماذا ؟
بعد هذه المقدمة إستهللت حديثي إلى صديقي وزميلتي وقلت لهما أنه وبإنتهاء هذه الحادثة تم تدشين أحد أكثر الخلافات شدة وحدة بين المسلمين ربما طوال تاريخهم ، الأمر الذي أدى إلى تقسيمهم إلى مدرستين .. واحدة للصحابة ، وأخرى لآل البيت .. وكأنه لا جامع بين المدرستين في حين أنهما قد نهلا معاً من نبع النبوة الصافي ، ثم أتت محنة الإمام الحسين وبعض من آل بيته - رضوان الله عليهم - لتزيد من حدة الخلافات وُتعمق وُتجذر إلى أبعد حد دعائم كل من المدرستين سالفتي الذكر ، وإستطردت أنه لا توجد جماعة بعينها ولا مذهب بذاته يستطيع أن يدعي أنه يملك وحده الحقوق الحصرية لحب وموالاة النبي وآل بيته الطيبين الطاهرين ، فالمسلمين جميعهم مأمورون بذلك ، وأردفت أنه مهما إختلفت التأويلات والتفسيرات فيمن تقدم للخلافة وفيمن تأخرعنها ، فإن ذلك لا ينبغي أن يكون محلاً لخلاف المسلمين ، فالبحث عن نقاط الإلتقاء أفضل كثيراً من تصيد نقاط الإفتراق ، وأن المذهب الشيعي لم يتجاوز للآن حادثة السقيفة وظل – بعد أربع عشرة قرناً – يرنو إليها بكثير من الألم والشجن ، وُيرجع إليها وحدها ربما سبب الأزمات التي تعيشها الأمة إلى يومنا الراهن ، وأن مسائل كالولاية والخلافة والإمامة والوصية والوراثة تعد الأكثر ألقاً وبريقاً في مسبحة الفكر الأصولي الشيعي وبدونها فإن حبات هذه المسبحة تنفطر واحدة تلو الأخرى وبالتالي فقد لا يجد المذهب الشيعي ما يقوم عليه ، وأضفت أن المذهب الشيعي لم يتجاوز أيضاً محنة الإمام الحسين بن علي وآل بيته – رضوان الله عليهم – ويرون فيها عاملاً إضافياً من عوامل التشرذم التي حلت وتحل بالأمة ... ثم سألتهما معاً : هل الشخصية أو النفسية الشيعية عموماً تفضل العيش في هذا الماضي الذي ولى برجاله وأحداثه عن أن تواجه حقائق الواقع ؟ وبالتالي فهل هي شخصية أو نفسية ذات إكتئاب مزمن ؟
2007/04/21
5- شيعة وسنة ... لماذا ؟
2007/04/18
4- شيعة وسنة ... لماذا ؟
سُنـي في الحسينية
تعتبر مجالس العزاء الحسينية أو الحسينيات إختصاراً هي المعين المتجدد والنبع الثقافي الذي لا ينضب لجموع الشيعة عموماً ، ذلك أنها كانت ومازالت تمثل هذ الرابط الممزوج بالعاطفة الجياشة الذي يشد الشيعة شداً إلى مصاب أجدادهم ومصارع أئمتهم ، وبوسعي القول هنا أني لا أعتقد أن مسلماً واحداً ولو لم يكن عميق الإيمان إلا وقد إهتز فؤاده لمصاب آل البيت والسيوف التي جللت قاماتهم ، ففي هذه المجالس يتم إستذكار بل والتذكير بإستشهاد أحد سيدا شباب أهل الجنة الإمام أبي عبد الله الحسين بن علي رضي الله عنهما مع ثلة من أهل بيته في واقعة الطف بكربلاء ، والحسينيات عموماً لا تقام شعائرها فقط في أيام شهر محرم الحرام ( شهر المصاب الجلل ) ولاسيما في العشر الأوائل منه ، وإنما في الغالب هي مجالس متجددة على مدار العام ، ولكنها أشد ما تكون وهجاً في شهر محرم ، حيث يجري بها إلقاء محاضرات في شتى أنواع العلوم الإسلامية من { قرآن – حديث – فقه وغيرها } عن طريق بعض المحاضرين المتخصصين أو ما يصطلح على تسميتهم { بالقراء } ، على أنه وفي جميع الأحوال وأياً كان موضوع المحاضرة أو القراءة فإنه لا يمكن أن ينتهي مجلس العزاء هذا بأي حال من الأحوال دون التعريج على مصاب الإمام الحسين وبعض من آل بيت النبي الأكرم وذلك في مشهد صوتي مؤثر ممزوج ببكاء الخطيب حيناً وبتباكيه أحياناً وبصورة تأخذ بمجامع قلوب المستعمين المفترشين أرضية مجلس العزاء وجنباته ، ويعزف الخطيب بشدة هناك على أوتار الحب والإشفاق المشبوب بالحنان الكامن بقلب كل مسلم لآل البيت ، وحتى الذين هم ممن ليسوا من أتباع المذهب الشيعي { مثلي } وكانت لهم حظوة حضور بعض المجالس فالصورة لم تكن مختلفة كذلك ، فالعين كثيراً ما دمعت وتخبط الفؤاد بين ثنايا الصدرإزاء هذا الخطاب المؤثر والوصف التاريخي شبه الدقيق لهذا المصاب الجلل ، ويبلغ الأمر ذروته في اللحظة التي يبدأ فيها الخطيب برفع عقيرته بالبكاء وصوته بالتحشرج المختلط بهنهناته الشجية عندما يغالبه الدمع وهو يصف اللحظة التي قُتل فيها الإمام الحسين وُجزت رأسه الشريفة ورُفعت على أسنة رماح المنتصر الباغي ، فإذا بالجموع كبيرهم وصغيرهم ، ذكورهم وأناثهم وقد إنخرطوا في بكاء ونواح أقرب إلى العويل وكأنهم يرون بأم أعينهم مقتل الحسين وأهل بيته على شاشة فضية كبيرة بثاً حياً على الهواء مباشرة ، ولم يكن ذلك إلا للأداء الإنساني المؤثر بالغ الإقناع للخطيب ، وتراه ينتقل بهم من مشهد إلى آخر ، ومن صورة إلى أخرى غير متناسي بالطبع أهمية التدرج في نبرة صوته علواً وإنخفاضاً بما يتناسب وطبيعة المشهد الذي يقوم برسمه بمهارة بالغة وحرفية شديدة ، ومن نافلة القول التذكير بأن كثير من الحضور تنتابهم لعضهم حالات أقرب إلى الهستيرية بل وفقدان الوعي أحياناً من فرط ما أصاب نفوسهم من لوعة ، ومآقيهم من دموع ، فإذا ُقضي المجلس بدأ الجميع يتفرق كل إلى وجهته وعلامات الإرهاق الشديد بادية على محياهم دونما حاجة إلى دليل .
خطباء المجالس الحسينية
الوائلي ... نموذجاً
أذكر أني حضرت على مدار سنوات سابقة لكثير من الخطباء في مجالس العزاء الحسينية ، غير أن القليل جداً منهم من بات يحتل مكانة جيدة في ذاكرتي ، ومن هؤلاء واحداً من أعظم الخطباء قاطبة إن لم يكن أعظمهم على الإطلاق وهو الشيخ الراحل الدكتور / أحمد الوائلي ، رأيته مرة وحيدة عن كثب في إحدى ليالي شهر محرم الحرام بإحدى الحسينيات التي وصلتها وصديقي مبكراً لأحجز لي مكاناً في صفوف المقاعد الوثيرة بجنبات المجلس ، فأنا لا أجيد الجلوس (مقرفصاً على الأرض أبدأ ) .. بعد قليل أتي الوائلي برفقة مستقبليه وجلس قبل خطبته على أحد المقاعد المتناثرة بفخامة على جوانب المجلس وكان يفصلني عنه مقعدين أو ثلاثة من الحضور ، بدأ حديثاً باسماً ودياً مع بعض رفاقه وكبار مستقبليه ثم تناول فنجان من الشاي ، وفجأة رأيته يشعل سيجارة ، إندهشت قليلاً .. أفي هذا المكان ؟ ، ورأي مرافقي وصديقي علامات التعجب على محيايً فبادل تعجبي بضحكة بدت لي مكتومة ولكنها مرسومة بوضوح على وجهه ، المهم أن الشيخ / الوائلي يملك أدوات فريدة ، وبضاعة رائجة لا تعرف الكساد ، وخلطة عجيبة لا يقوى عليها كثير من نظرائه ، فهو خطيباً مفوهاً ، واسع الإطلاع ، غزير المعرفة ، وهو غالباً وفي غير شهر محرم الحرام ما يبدأ خطبته بتفسير بعض من آيات الذكر الحكيم بطريقة قل أن تجدها عند غيره من الخطباء ، فهو كثيراً ما يحلل الآية تحليلاً لغوياً فريداً ويربطها بأصولها التقليدية في التفسير أولاً ، ثم يبدأ ويهدم من هذه الأصول ما شاء له أن يهدم ثم يعيد البناء من جديد وفق التفسيرالذي يراه أكثر ملائمة وعقلية مستنداً في ذلك إلى قواعد المنطق العقلي بشكل يُحسد عليه وكأنه أحد فلاسفة أثينا القدامى ، ولا تكاد تخلو له خطبة دون أن يعرج فيها على أبيات منتقاة بعناية من الشعر العربي المعينة والمناسبة لموضوع تفسيره ، وهو في الحقيقة له ذاكرة شعرية تكادلا ُتبارى ، ومن الطرائف في هذا المجال أنني تأثرت به في طريقة إلقاءه للشعر من كثرة إستماعي إليه ، بل وكنت أحاول جاهداً أن أستنسخ نبرته الصوتية وأنا أردد ذات أبياته وغيرها من أبيات القصائد الأخرى التي أحبها ، الأمر الذي كان محل إستحسان وثناء زوجتي على هذه الطريقة الجديدة والمعبرة في إلقاء الشعر ، ولكن المسكينة لم تكن تعرف مصدرية هذه الطريقة بالطبع ، حتى أتي عليً يوم بالمنزل كنت أستمع فيه إلى محاضرة له بالإذاعة في حضور زوجتي التي تصادف مرورها أثناء سماعي لها ، وإذا بصاحبنا كديدنه يلقي بعض من الأبيات الشعرية في معرض تفسيره لآية ما بطريقته المعهودة الشائقة ، وإذا بزوجتي تلتفت إليً وتقول لي: هذا هو إذن من تقلده ؟ فالطريقة ليست طريقتك ! فعتبت على الشيخ أن ألقى أبياته في هذا الوقت الحرج ، وخاطبت صوته المجلجل قائلاً : الله يسامحك يا شيخ .. فضحتنا .
يُتبع
3- شيعة وسنة ... لماذا ؟
شراكة عمل
أخيراً .. أتي اليوم الذي ُعهد إليً فيه القيام بإجراء تحقيق موسع في مخالفات إدارية مع إحداهن من العاملات بالوزارة ، ورأت مديرة إدارتنا أن ُتكلف من يساعدني في إجراء التحقيق من الزميلات لكي يكتسبن الخبرة ، وكانت زميلتنا هذه هي من وقع عليها الإختيار ..يا لها من فرصة .. بدأت معها جلسات تمهيدية نتفق فيها على خطة إجراء التحقيق والسبيل الأفضل لإنتهاجه ، كانت لم تزل متحفظة ، ولا تنظر إلى بشكل مباشر أبداً ، وبدت وكأنها لم تكن مسرورة لمشاركتي في إجراء هذا التحقيق الأمر الذي شكل لي عامل إستفزاز ، فأردت أن أرد على الإستفزاز بمثله ، وأنا في الحقيقة ماهر في هذا الأمر ، بعد عدة أيام قدمت لي مسودة مذكرة قانونية للشق الذي ُعهد إليها إنجازه للتعليق عليها وإبداء أية ملاحظات تتراءى لي قبل إعتمادها بصورة نهائية .. وتعمدت أن أظهر تبسمي بشكل ساخر كلما مررت على فقرة من مذكرتها التي كانت محررة بخط يدها بشكل إنسيابي رائع ومقروء بوضوح وبلون أزرق لامع وكأن صاحبتنا كانت ترسم بالكلمات ، ( تبين فيما بعد أنها فنانة ذات ريشة ماهرة ) ،لاحظت أن عينيها كانتا مثبتتين إلى الأسفل ، فأردت أن ألفت إنتباهها لتشاركني عملية المراجعة والتدقيق ، فأمسكت بقلمي الأحمر وهممت بالتصحيح والتعقيب كما المدرس الذي ُيلفت عناية طالبته إلى ما يجب أن تقوم به على نحو سليم وكيف لها أن تستفيد ممن يكبرها سناً وخبرة .. كان هذا خياري الوحيد .. هالها وفاجئها كم الملاحظات التي أبديتها لها ، لغوية كانت أو قانونية ، وفي النهاية أعطيتها المسودة التي كانت أشبه بلوحة سريالية من كثرة تداخل اللونين الأحمر والأزرق ، وراقبت ردة فعلها ، فإذا بإحمرار قلمي قد إنتقل بشكل أكثر حدة وإمتقاعاً إلى وجهها ، وأحسست أنها شعرت بالمرارة والإهانة من مسلكي الذي كان مبالغاً فيه بكل صراحة ، ولكنها في النهاية لن تنبس ببنت شفة ، أشفقت عليها ، لكن كما قلت لم يكن لدي خيار آخر ، في اليوم التلي أتت بمذكرتها بعد أن قامت بالتصويبات والتنقيحات المفترضة التي لفت نظرها إليها ، أعطتها لي لمراجعتها بشكل نهائي ولكن هذه المرة مع إبتسامة خجلة وقالت : لا مزيد من التعليقات الحمراء هذه المرة أرجوك ، إذن أصبح للجدار العالي باباً للولوج منه الآن
حلقة نقاش
ومرت الأيام والتحقيق لم ينته بعد ، وإزدادت وتيرة النقاش العام خارج الموضوع المكلفين بإنجازه ، وفجأة دار الحديث حول تفسير بعض من آيات القرآن الكريم وأعطتني تفسيراً مخالفاً لما أعرفه عن آية بعينها ، رويداً رويداً أصبحنا لا نتحدث إلا عن المذهب الشيعي من حيث أصول نشأته الفكرية ورجاله وفقهه ، وأعترف أنها كانت مجادلة ماهرة ، إلا أنني أذكر كذلك أني لم أسترح لبعض إجاباتها ، وبدأت أطرح من خلال قراءاتي الأولية نقاشاً حول القضايا الخلافية بين الفريقين ، فأشارت عليً أن بوسعها تدبير لقاء لي مع أحد معارفهم ممن له تبحر وفهم في هذه الأمور العميقة .. فلربما خشيت صاحبتنا أن تقول ما يُحسب عليها ، هكذا فسرت الأمر ... وبالفعل قابلت هذا الشاب حيث تواعدنا بإحدى المكتبات التي تتيح لقراءها الإطلاع على ما يشاء من كتب داخلها ، إخترنا طاولة للجلوس ، أخذ صاحبنا المقعد المقابل لي مباشرة وبدت وضعية جلوسنا كما لو كنا على وشك البدء في مناظرة ، كان نحيلاً هو الآخر ذو لحية مهندمة بعناية ، ووجه غلبت ُحمرته بياضه ، دمث الأخلاق مهذباً إلى أبعد صورة ، ولم أذكر حتى تاريخ مقابلته أني قابلت شخصاً له من الخصال الحميدة ما لهذا الشخص ، وبعد المقدمات والتعارف سألني : أيوه يا بو محمد .. ماذا تريد أن تعرف ولماذا ؟ أجبته أني ليس لدي الكثير من المعرفة عن الثقافة الشيعة وسأكون ممتناً لو ساعدتني في هذا الأمر أو على الأقل إرشادي إلى ما يجب أن أتبعه من واقع خبرتك ، قال لي أن بوسعه تدبير بعض الكتب والمراجع المناسبة ، قاطعته بالقول أن الكتب متاحة في أي وقت ، وأنا ما أريد سوى النقاش ، أجابني مبتسماً : هذا صحيح الكتب متاحة في أي وقت ولكن النقاش بدون خلفية واسعة من الإطلاع الجيد لن يكون مثمراً ، أصابتني ملاحظته بشكل مباشر ، ويبدو أنه أدرك عمق الإصابة على قسمات وجهي ، فإلتفت بذكاء وقال لي :لا بأس بو محمد .. ما لم تكن تفضل النقاش حول ما تريده وفق مراجعكم أنتم أهل السنة .. إذن فالرجل مطلع واسع الإطلاع .. وبتسرع لا أتورط فيه عادة قلت له : فليكن ، وبدأ الرجل يُحلل وينظر وينتقل من مرجع إلى مرجع ومن قضية إلى أخرى ، وكل ذلك وفق مصادرنا نحن أهل السنة لا مصادر غيرهم ، وبدا لي الرجل كما لو كان ممسكاً بأطراف كل الخيوط ، يحركها كيف يشاء وقتما يشاء ، وعندها فقط أدركت أني قد ورطت نفسي بطلب النقاش ، حاولت بصعوبة إدارة دفة الأمور بطريقة لا أبدو من خلالها كما لو كنت في مناظرة ، لأني على الأقل أعرف من هو الطرف الخاسر فيها .. إتفقنا على موعد جديد وقبل الإنصراف لفت نظري إلى ملاحظة مباغتة فقال لي : بالمناسبة يا بو محمد فإن زميلتك الباحثة القانونية التي رتبت موعدنا سيدة ، قاطعته متعجباً : سيدة !؟ أعلم أنها غير متزوجة ، تبسم .. وقال أنها سيدة بالمفهوم الشيعي يا عزيزي ، إذ أن نسبها يمتد إلى العترة الطاهرة ، فجدتها الكبري حسب سلسلة النسب الشريفة هي البتول فاطمة الزهراء ، أسقط في يدي وتحير جوابي ، فإنصرفت متمتماً ... إن هذا ليوم عصيب
يُتبع
2007/04/17
2- شيعة وسنة ... لماذا ؟
2007/04/15
1- شيعة وسنة ... لماذا ؟
2007/04/11
مدون أحادي الجانب
كما أن من بين فوارق التدوين الورقي والإلكتروني أمراً لا يخلو من طرافة كان محل تجربة ذاتية بي ، فأنا من أصحاب الخطوط الجيدة ويقال عنها أنها منمقة ولطيفة ، كان هذا في الوقت الذي كنت أستخدم فيه قلمي وقرطاسي طوال الوقت ، فلما إقتحم الحاسوب حياتنا وإستبدلنا بأقلامنا أزرار الكيبورد الصماء بدأ حس الكتابة باليد يخبو أو كاد وبدت الأقلام في أيدينا مرتعشة وجلة من عمق الجفوة التي لحقت بها وإن شئت فقل الصدأ الذي إعترى أناملنا جراء عدم إستخدام أقلامنا زمناً طويلاً ، وهذا سبباً إضافياً يجعلني أؤمن بالنظرية سالفة الذكر والأمثلة على ذلك كثيرة ، وعليه فإني مازلت منحازاً للتدوين الكلاسيكي بأسنان أقلامي المدببة والملونة على أوراقي التي ستظل وفية لي رغم صفرتها وذبولها وعلى الرغم كذلك من وجود عديد المدونات الإلكترونية الرائعة على سماء النت الملبدة بكل طعم ولون أرى كثيره غير مستساغاً ولا مهضوماً
2007/04/04
4- عندما يكون للشاطىء إبنة
توجه مندوب من جريدة الجمهورية إلى الأستاذ العقاد يسأله عن آخر مؤلفاته ، فأجاب : كتاب (الإنسان في القرأن) وهو تكملة كتاب (المرأة في القرآن) ، ولما ذكر له المندوب أن هذا الكتاب أغضب سيدات كثيرات ، رد العقاد ( اللي زعلوا دول مش ستات ، دول منتسبات لعالم النساء فقط ، وسبب زعلهم الأصلي هو عدم فهمهم لنفسية المرأة ) ، فقال له المندوب إنه تحامل منك على المرآة ، فأجاب الكاتب الكبير ( أبداً لكن هذه رأيي .. الرأي الثابت والحقيقي .. رأي الطبيعة والخالق ) وبعد أن أوردت بنت الشاطىء هذه المقدمة قالت : { رأي الخالق ؟! يالها من كبيرة !! أفيضاف إلى الخالق سبحانه رأي ؟! وممن ؟! من كاتب مجمعي يؤلف الكتب الإسلامية ، وتحمل المجلة الرسمية للأزهر إسمه اللامع على غلافها ؟! } ، ثم أردفت تقول إن الرأي فيما نعرف وتعرف اللغة لا يكون إلا عن تدبر وإستحضار للمقدمات ، وإجالة الخاطر فيها ، ومن ثم لم يجز أن يُضاف إلى الخالق الحكيم ، كما لم يجز أن تُضاف إليه المعرفة ، أو يوصف بها ، وإنما هو تعالى الحكيم لا العارف !! ، وقالت أن الأب لامانس اليسوعي قد أدرك هذا في كتابه (الفروق الفردية) وأدرك معه لماذا نقول علم الله ولا نقول معرفة الله ، فكيف يغيب عن إدراك كاتب مسلم عضو في المجمع اللغوي يقول عنه مريدوه إن علمه لو وُزع على مئات من أساتذة الجامعة صاروا علماء ؟! ..... فرد الأستاذ العقاد وأورد آيات تُسند الرأي إلى الله فقال أن المعلوم لكل قارىء يفهم معنى القرآن الكريم أن كل كلمة تُنسب إلى الخالق لها تفسير غير تفسيرها بالنسبة إلى المخلوق ، وكذلك نفهم الوجه والعين واليد ، ونفهم المكر حين يُنسب إلى الله في قوله تعالى { ومكروا ومكر الله } أو قوله تعالى { ومكروا مكرا ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون } فليس بالممتنع إذن أن يُنسب الرأي إلى الله بمعنى البصر أو بمعنى الحكم والتقدير أو بكل معنى من المعاني نفهمه على الوجه الذي يناسب مقام الخالق ، وإن ورد في عبارة واحدة منسوباً إلى الله وإلى الرسول وإلى المؤمنين وليسوا في الرأي - على أي معني من المعاني - بسواء ، ولولا أن السيدة (يقصد بنت الشاطىء) مسلطة على نفسها لما إنساقت مرة بعد مرة إلى هذه اللجاجة التي علم من يقرؤنها حقيقة ما تنطوي عليه ولم يبق أحد ولا إحدى يفهم أنها مناقشة بريئة تتحرى مواقع الصواب والموافقة كما تتحرى مواضع الخطأ والإنتقاد ..... لكن بنت الشاطى تقول له ( كلا ليس الأمر هذا يا أستاذ عقاد ، فالأمر أولاً أنك لا تملك أن تطلق على الله ما لم يأذن به الله ، والأمر ثانياً أن التأويل إنما يكون لما ورد به القرآن وكان موهماً كما في الجوارح والحركات ؟ ونحن المختصين في تفسير النص القرآني بيانياً لا يجوز عندنا أن نفسر مفردات القرآن بمصطلحات متأخرة أو نحتكم فيه إلى دلالات لا يأذن بها الإستعمال القرآني نفسه ، فحين صارت الحكمة مثلاً تطلق في عصور متأخرة على الفلسفة لم يجز عندنا أن نفسر قوله تعالى {وهو العليم الحكيم} ، بأنه العليم الفيلسوف ، وحين صار الثراء يُستعمل في الغنى لم يجز عندنا أن نفسر قوله تعالى {والله غني حميد} بأنه ثري أو مليونير، ولو لم يكن في الرأي - بمعني المذهب - إلا انه يأتي عن تدبر وترجيح أو إعتقاد لأحد النقيضين عن غلبة ظن لكفى بهذا الإيهام مانعاً لعربي يحسن العربية ومسلم يعرف الإسلام من إضافة الرأي إلى الخالق في مجال الإقناع بصواب رأي العقاد في المرأة ، وتستطرد بنت الشاطىء فتقول أنه يفوت المجمعي الشهير بمطالعاته أن أحداً - لمن يصلح أن يُخاطب به - يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث والمذكر ، وهذا مدار قوة النفي به وشموله ، فإذا قلت لم يبق أحد هنا ، كان النفي عاماً شاملاً للمفرد والجمع ، والمؤنت والمذكر ، وبالعربية الفصحى تقول أحد من النساء .. لا إحدى منهن ، ومرجعي - أنا الجاهلة بالعربية والإسلام - كتاب العربية الأكبر ومعجزة الإسلام الخالدة ، فالله تعالى يقول في سورة الأحزاب {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء} ..... وكان رد الأستاذ العقاد : قولوا للست المفسرة هل قال الأب لامانس اليسوعي أن (أحد النساء) كلام يجوز في لغته العربية ، وقولوا لها ما تفسير الأب لامانس لقوله تعالى { إني أريد أن أنكحك إحدى إبنتي هاتين} ، هل يفسره بأن (أحد) أو( إحدى) سواء في لغته ولغتها ...ومرة أخرى في الختام لا أحد ولا إحدى يقول هذا الكلام .....وقد علقت بنت الشاطىء على قول العقاد في مجلة المصور ( أنا فعلاً طاغية أدب ، وأنا لا أستبيح لنفسي أن أسترجل على بنت الشاطىء فألقمها حجراً وهي تعلم أني قادر على ذلك ) ..... فردت بنت الشاطىء ( لا والله ما أعلم أنك قادرعلى شيء من ذلك ولا يستطيع أن يُلقم مثلي حجراً من بيته من زجاج ، وإنما الذي أعلمه أن هذا الأسلوب في الخصومة الأدبية لن يجوز في عصر الإنسان الذي غزا الفضاء بقوة عقله وكرامة إنسانيته وصحة وجدانه وضميره ، لا بعضلات مسترجل وأحجار عملاق عاق للبشرية)
*****
بعد التدوينات الأربعة السابقة لابد وأننا ندرك الآن لما وضعتها مصنفة في باب ( بنات زمان ) ضمن هذه المدونة ... نعم إنهن بنات زمان ولسن بنات اليوم ، فأنتم وأنتن أدرى بحالهن ، إذن فيما كان الداعي لإستحضار ما فات ، وإستنبات ما إنطمر ؟ ... إنه الأمل على أي حال في أن تعاود بنات اليوم قراءة سيرة بنات الأمس ، ويتلمسن مواضع أخواتهن وأمهاتهن اللائي سبقنهن في دروب الحياة ومسالك الزمن ، فقد يكون للشاطىء إبنة جديدة ... والنهاية لا يفوتني أن أخص بالشكر بناتي الثلاثة وأمهن اللائي كن لهن الفضل في فكرة هذه التدوينات عن حسنة الذكر والذوق بنت الشاطىء رحمها الله تعالى
إنتهى
2007/04/03
3- عندما يكون للشاطىء إبنة
صدر كتاب ( دفاع عن البلاغة ) للأستاذ / أحمد حسن الزيات صاحب مجلة الرسالة الشهيرة وذلك في عام 1945 فتصدت له بنت الشاطىء بنقد لاذع وتناولت مآخذها على الكتاب ومن بين ما قالته : يعد فضولاً أن نتحدث عن المشقة البالغة التي يحتملها الأستاذ الزيات في معاناة الكتابة ونحت الألفاظ وتنميق العبارات ، فذلك هو طابع الأستاذ فيما يكتب ، ولكن يبدو أن عناية الكاتب بألفاظه قد صرفته عن رعاية الدقة في معانيه والصحة في أحكامه ، وتستطرد قائلة أن الكاتب ينسى أن الإلهام سر الفن ، ويرى العكوف البطىء على صنعة الكلام ونحت الألفاظ سر جماله ، فمتى كان بليد الذهن مثال الفنان ؟ ومتى كان البطىء الموسوس مثال المفكر ؟ وتواصل بنت الشاطىء نقدها للزيات فتقول بأن الأستاذ الزيات ُيعرف البلاغة في معناها الشامل بأنها ملكة يؤثر بها صاحبها في عقول الناس وقلوبهم من طريق الكتابة والكلام ، ولو أخذنا بمنطق الضبط في التعريف لكان التنويم المغناطيسي والرقية والعزيمة ونحوها مما يدخل في باب البلاغة ، لأنها جميعاً تدخل وتؤثر في العقل والقلب من طريق الكتابة والكلام ..... ولم يحاول الزيات الرد بما يقيم الحجة على ما كتب ، وإنما إكتفى بما ذكره الأستاذ عبد العزيز فهمي باشا الذي طالب بأن يدرس الكتاب في الجامعات ، وأشار كذلك إلى ما قاله الأستاذان العقاد ، والمازني في الكتاب ، ثم قام بالتعريض ببنت الشاطىء فذكر أنها غير قادرة على فهم هذه الموضوعات ولكن في عبارات عنيفة وأنحى على الأمناء الذين يجعلون من أنفسهم مسئولين عن البلاغة ثم أردف يقول { ولو كنت أعرف السيدة بنت الشاطىء لقلت لها ليس من طبعك ولا في وسعك يا سيدتي الرد النزيه ، وليس من طبعي ولا في وسعي الرد السفيه ، فردي هذا القلم الغليظ إلى صاحبه ، وإستردي قلمك الرقيق من سالبه ، وثقي بأن الفرق بين الكلام في الشواطىء والحقول ، وبين الكلام في ثمار القرائح والعقول ، كالفرق بين تكسير الجرة وبين تحطيم الذرة } ومن هنا ندرك أن النقد كان مرده إغفال الأستاذ الزيات لحاجة في نفسه جهود الأستاذ الخولي في ميدان البلاغة وأن الرد لم يكن إلا وسيلة للنيل من بنت الشاطىء ومن الأستاذ الخولي معاً ، وفيه إتهام بتستر الأستاذ الخولي خلف تلميذته وزوجته بنت الشاطىء
بنت الشاطىء والعقاد
صدر كتاب { المرأة في القرآن الكريم } للأستاذ العقاد فتصدت له بنت الشاطىء تأخذ عليه ما جاء في كتابه من أنه نقل عشرات من الصفحات متتالية ومتتابعة من كتب له سابقة وأنه قد حشد كل براعة منطقه - وهو في قمة نضجه - ليقنع قراءه بأن المرأة قذرة سافلة متخلفة ناقصة ، لا خلق لها ولا ضمير وأوردت أمثلته الدالة على تفوق الرجال فيما هو من شأن النساء كالطبخ ، والتفصيل ، والتجميل ، والمراثي ، والرقص ، ونفيه عن المرأة أخص الصفات الأنثوية كالحياء ، والحنان ، والنظافة ، وقالت بنت الشاطىء إن كلاماً كهذا يجوز أن يصدر عنه في كتاب يحمل عنواناً آخر ، أما أن يُذاع في الناس بعنوان المرأة في القرآن الكريم ، فهذا لا يجوز ، ثم ختمت مقالتها النقدية بالقول ولا أزيد بل ألوذ بما لذت به حين قرأت هذا الكتاب فأقول : اللهم أني صائمة ... وكان رد الأستاذ العقاد إن السيدة بنت الشاطىء لا تحوجنا إلى جواب ، لأنها هي بذاتها جوابنا المفحم ، ولو أننا بحثنا عن رد عليها أقوى منها على إقناعها لأعيتنا الردود ، فمن الخير أن يُصان الكلام لغير هذا المجال ، ولم يتعرض لمآخذها عليه مما زاد في ثورتها ، فكتبت تنكر منه تجريدها من لقبها الجامعي على حين هنأ زميلاتها بنيلهن هذا اللقب ، ثم إنتقلت إلى أن الأستاذ العقاد شديد الولع بقصة إغواء حواء لأدم وإخراجهما من الجنة والتي كتبها منذ أعوام في كتابه { هذه الشجرة } ، ثم عاد فنقلها إلى كتابه المرأة في القرآن الكريم ، وزعم أنها وردت في كتب الأديان بما فيها الدين الإسلامي ، مع أنه يعلم أن القرآن الكريم لم يُسند الغواية قط إلى حواء ، وليس فيه إشارة من قريب أو من بعيد إلى أنها هي التي أغرت أدم فأكل من الشجرة المحرمة ، وإذا كان بعض المفسرين قد أسندوا الغواية والعصيان إلى حواء فمرجعهم فيها التوراة لا القرآن ، وقد نقلها إليهم وهب بن منبه وأمثاله من اليهود الذين أسلموا وحرصوا على أن يحشوا أذهان المسلمين بإسرائيلياتهم ، كما أخذت عليه بنت الشاطىء قوله أن الرغبة الجنسية في المرأة تنفصل عن الغريزة النوعية في معظم أيامها ، ولا بد أن تكون نفاية ضائعة حقاً تلك المرأة التي تقصر بها آمالها الأنثوية دون التطلع إلى منزلة ربة الدار وأم البنين ، فقالت كيف نحكم على الجنس كله بنفاية ضائعة منه ؟ يجوز ... ولكن عن الأستاذ العقاد وحده ، ثم كيف يحكم على الفصيلة كلها بآخر واحدة فيها ثم أردفت لكني لا أريد أن أحرجه بالرد على مثلي ، إذ ليس أقسى على عملاق أن يضطر إلى منازلة سيدة يقول أنها لا تُحسن إلا العويل والبكاء ،، كما لا أريد أن أجشمه مشقة قطع الطريق الطويل بين مكانه العالي على قمة جنسه المتفوق الممتاز ومكاني الهابط في آخر صف النساء ... وأراد أحد المنتسبين للعقاد أن يجد مجالاً للقول فأغلقت بنت الشاطىء باب الجدل بقولها بقيت كلمة أرجوا أن تحسم هذا الموقف الكريه وهي أن كل ما يقوله الكاتب وغيره من خير في الرجال فهو منا وإلينا ، لأنهم أبناؤنا وأزواجنا وإخوتنا وأباؤنا ، وكل شر يقال في المرأة فهو حتماً مردود إلى الرجل ، لأن الدنيا لم تعرف رجلاً لم تلده أنثى
يُتبع
2- عندما يكون للشاطىء إبنة
يُتبع
2007/04/02
1- عندما يكون للشاطىء إبنة
بنت الشاطىء والأستاذ الخولي
من كتاب : هجمة علمانية جديدة ومحاكمة النص القرآني - د./ كامل سعفان .. بتصرف
يُتبع
2007/03/22
يا قاطع الشجرة
2007/03/20
2007/03/18
غسيل الأدمغة
2007/03/17
2- القراءة فنون
2007/03/14
1- القراءة فنون
هذا في حين أن القراءة للإستمتاع عمل إيجابي ، فهواة الروايات مثلاً يقرأونها لإرضاء هوى في نفوسهم ، وآملاً في أن يصادفوا معاني الجمال التي تثير أو تهز عواطفهم ، أو يعوضوا ما حرمتهم الحياة من مغامرات.. الخ ، ومن هؤلاء من يقرأ لمتعة البحث بين ما أنتجه الشعراء والأدباء عن خير تعبير يصور خلجاته وتجاربه أو مشاعره الشخصية ، ومنهم من يقرأ التاريخ - دون أن يقف على عصر معين أو فترة بعينها - لأنه يجد متعة خاصة في أن يتحقق من أن مشاعر الإنسان واحدة رغم توالي القرون ، وهذا الإستمتاع بالقراءة إتجاه سليم ولا شك ...على أن من القراءة ما يكون " عملاً " وتلك هي التي يمارسها رجل يبحث عن نوع معين من المعلومات يحتاج إليه ليعزز أو يكمل صرحاً في ذهنه يوقن من أهميته ، والقراءة كعمل يجب أن يصحبها قلم أو ريشة في اليد ما لم يكن للقارىء بالطبع ذاكرة جبارة ، فليس أضيع للوقت الثمين من أن يبحث المرء مرتين عن فقرة يريد إستخدامها ... ويستطرد موروا قائلاً لقد إعتدت حين أقرأ كتاباً في التاريخ أو في أي موضوع أن أسجل على غلافه مذكرات عن الفقرات الهامة وأرقام الصفحات ، وبهذا أستطيع أن أرجع إليها إذا دعت الضرورة دون أن أضطر لقراءة الكتاب بأكمله مرة ثانية ، ويمضي موروا بنا إلى مرحلة أخرى ذات أهمية ودلالة بالغتين فيقول أن للقراءة " ككل عمل " قواعد خاصة وخليق بالمرء في شبابه أن ينقب بين الكتب كما يبحث في الدنيا عن الأصدقاء ، فإذا ما عثر على ضالته المنشودة منها وإصطفاها إلى نفسه ، وجب أن ينفرد بها في عزلة ، وإن ملازمتك للكتاب الذي تحبه وتصطفيه لتكفي كي تملأ عليك حياتك .. وعندما يقرأ المرء يجب أن يولي كبار كتاب الماضي أعظم قدر من الإهتمام ، ولا مراء في أنه من الطبيعي والضروري أن يتعرف إلى كتاب العصر الحاضر ، إذ بينهم نجد الأصدقاء الذين يعانون هواجسنا ويحسون بحاجاتنا ، لكننا ينبغي أن لا نغرق في بحار من الكتب التافهة في حين أن لدينا من الروائع عدداً كبيراً قد لا نستطيع أن نحيط به كله ، فلنطمئن إلى ما إختارته القرون الغابرة ... وكما أن الإنسان يخطىء فليس بمستبعد على جيل من الأجيال أن يخطىء ، ولكن الإنسانية كلها لا تخطىء قط ، ومن المؤكد أن هوميروس ، وشكسبير ،وموليير أهل لما أصابوا من شهرة ، ولذا فمن حقهم أن نؤثرهم بقسط من التفضيل على الكتاب الذين لم يتعرضوا بعد لحكم الزمن
موضوعات المدونة
- عندما يأتي المساء (127)
- أوراقي الصفراء (36)
- مقالات برمجية (16)
- قول من قول (11)
- مكاتيبي (9)
- القوارير (6)
- مصر الثائرة (6)
- الآتيليه (4)
- غفوات النفس (1)