حدد برنامجك
يقول موروا بأنه ولضمان التمسك والإرتباط بالعمل الذي تختاره فإنه يحسن بك من آن إلى آخر أن تكتب جدولاً للأعمال يبين كلا من أهدافك العاجلة أو الآجلة ، حتى إذا رجعت إلى هذا الجدول بعد شهور أو حتى سنين إستطعت أن تدرك مدى قواك وحدودها .. ويجب أن تفصل ذلك الجزء الذي يتطلب عملاً عاجلاً من برنامجك فتركز فيه كل إهتمامك ، وأعمل من أجله كل ما في وسعك وأوقف كل قواك ومواهبك عليه ، أفرغ فيه نفسك وعصارة فؤادك وذهنك في سبيل بلوغ الهدف ، فإذا بلغته ، حق لك أن ترجع لترتاد الطريق الذي قطعته وتملي عينيك من منظره وتتدبر العقبات التي كانت تعترضه ، ولكن لا إرتياد ولا إستطلاع ما لم تكن قد أتممت مهمتك أولاً ..ويستطرد موروا قائلاً .. قد يروق لنا أولئك الذين يبدون إهتماماً بكل شيء، بيد أنه لا يبرم الأعمال ولا ينجز المهام سوى أولئك الذين يقصرون إهتمامهم - في الفترة الواحدة من الزمن - على أمر واحد ، إنهم قد يبلغون في تصميمهم أحياناً حداً يبعث على السأم ، ولكنهم لا يلبثون بتكرار الإقدام أن يوفقوا إلى تحطيم العقبات التي تعرقل تقدمهم ، وعلى المرء أن يؤمن بأن النجاح ممكن ، فأنت إذا أتقنت إختيار هدفك ساعدتك قواك على أن تجتاز الأحداث كي تبلغه وليس من المجدي أن تأخذ على عاتقك السعي إلى أهداف لا سبيل إلى بلوغها ، بل أن هذا المسلك ينطوي على خطر ، إذ أن الفشل قمين بأن يحطم نشاطك وثقتك بنفسك ... خذ مثلاً على ذلك .. إن شاعر ألمانيا الكبيرجوته ينصح الشعراء الناشئين أن يكتبوا الأشعار القصيرة بدلاً من أن يعالجوا القصائد الطويلة ، ويقول (صمويل بتلر) أننا يجب أن نبدأ بخير ما في العنقود من أعناب .. وقد يكون من الأسلم أن نبدأ بأسهل الأجزاء إذا شئنا أن نؤلف كتاباً كبيراً معقداً ، وخليق بنا أن نقسم العمل الطويل الذي يراد منا إنجازه إلى مراحل نركز في كل منها بالتوالي إهتمامنا ، وعندئذ لا ينبغي أن نمد البصر إلى أكثر من حدود المرحلة التي نتولاها في كل مرة مقتدين في ذلك بمتسلق الجبال الذي يحفر في الجليد مواطىء لقدميه ويعزف عن التطلع إلى القمم أو الهبوط ببصره إلى أعماق الوهاد ، لأن المنظر في كلا الحالين قد يروعه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق