ونستون تشرشل
رئيس وزارء بريطانيا الراحل
1874 - 1965 م
( المدخن الشره الذي يقرأ كثيراً عن مخاطر التدخين
لابد أن يقلع يوماً
عن القراءة )
بقلم : ياسر حجاج
إذن فهناك لدينا دائماً وسيلة للهروب من المواجهة ، ولدينا صبر لا بأس به
على التبرير ، ولدينا مقدرة فائقة على الدفاع عن خياراتنا الخاطئة ، وبمرور الوقت
ولعوامل من بينها التكرار ، تترسخ شيئاً فشيئاً المتغيرات فتصبح ثوابت ، وتضحى
فكرة التغيير عصية أكثر من أي وقت مضى ، وعليه فإننا إما أقلعنا أو مازلنا نقلع عن
كل ما من شأنه أن يثير أدنى زوبعة في فنجان قهوتنا الصباحي المصحوب بسيجارة
أمريكية الصنع ، أيا ما كانت التحذيرات من آثار التدخين وتأثيرات الكافيين .
وبصفتي مدخناً - عافانا الله وإياكم - كان لدي فكرة هلامية عن التحذيرات
الطبية لمخاطر التدخين والمكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية وبوضوح فج على علب
الدخان ، وكنت أقول في نفسي .. حسنا .. هذه التحذيرات لم يكتبها سوى أطباء - لا
ضمير لهم - يقبضون رواتبهم من الشركات المصنعة للدخان ، ذلك أن هذه الشركات - حسب
تحليلي التآمري المرح - هي ذاتها الشركات المصنعة لبعض أنواع من الأدوية والحبوب
التي تعيد تأهيل المدخن نفسياً وجسدياً لمرحلة ما بعد الإقلاع عن التدخين ، فإن
خسرت شركات الدخان عميلاً مدخناً ، كسبته مرة أخرى كزبوناً صالحاً لمنتجها الطبي
الجديد ، وبالتالي فستبقى أرباحها في مستواه المعهود أياً كان مؤشر عدد المدخنين
أو المقلعين .
وإذا لم يكن المدخنون بالصلاح المأمول وظلوا على عادة التدخين فإن ذات
الشركات ومن باب المماحكة تنتج لهم معجون أسنان خاص لإزالة إصفرار الأسنان مع
إسبراي معطر لرائحة الفم ، وإذا كان المدخن في منزلة بين المنزلتين (الطلاح -
الصلاح ) فإن عين الشركات هي ما تنتج له بعض ألوان (العلكة) التي من شأنها - عند
مضغها - تقليل الإحساس بالرغبة في التدخين .
ومما سمعته في بدايات إستخدام الحاسوب أن الشركات المصنعة لبرامج التشغيل
هي ذاتها - أو من وراء حجاب - من تقوم في الوقت ذاته بصناعة أنواع عديدة من
الفيروسات التي تأكل حاسوبك لحماً وتتركه لك عظماً ، ثم تعيد بيعك لاحقاً برامج
لمكافحة الفيروسات ، وهكذا دواليك ، فلست وحدي من يشعر بالتآمر هنا .
بالعودة إلى مقولة تشرشل فإننا نجدها صادقة تماماً ، إذ تضعنا أمام مرآة
الحقيقة لنرى بوضوح ليس فقط الخطأ الذي وقعنا فيه ، وإنما الخطأ الأكبر في
معالجتنا إياه ، فأنا مثلاً أشعر بالإنزعاج الشديد من صوت المنبه الصباحي
بهاتفي النقال الذي يشير إلى وجوب الإستيقاظ ورفع الوسائد من فوق رأسي ،
والإستعداد للذهاب للعمل ... لحل هذه المشكلة - وبدلاً من النوم مبكراً - بدأت
أفكر جدياً في التقاعد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق