يتسائل الأديب الفرنسي الكبير أندريه موروا هل القراءة عملاً أم متعة ؟ وهنا يستشهد موروا بفاليري لاريو - ( لم أجد له ترجمة ) - الذي يقول أن القراءة رذيلة لا عقاب عليها ، ويناقضه ديكارت فيصفها بأنها حديث مع أشهر عباقرة القرون الماضية ، ويمضي موروا قائلاً أن كلا الرأيين في نظره صحيح ، فالقراءة تغدو رذيلة إذا لجأنا إليها كمخدر أو منفذ للتهرب من الحياة الواقعية والتسلل إلى دنيا الخيال ، وممارسوا هذه الرذيلة يقرأون بإستمرار ، ويرون في كل شيء مادة صالحة للقراءة ، بل أنهم قد يفتحون دائرة المعارف فيقرأون مقالاً عن طرق إستخدام الألوان المائية بنفس النهم الذي يقرأون به مقالاً عن الأسلحة النارية ! وإذا خلوا إلى أنفسهم في غرفة تأملوا ما حولهم حتى إذا رأوا مجموعة من الصحف والمجلات إتجهوا إليها على الفور ، وآثروا أن يستغرقوا في القراءة - مهما كان موضوع ما يقرأون - عن أن يخلوا لحظة إلى أفكارهم ، فهم لا يسعون إلى آراء أو وقائع وإنما وراء مواكب لا نهاية لها من الكلمات تحول بينهم وبين مواجهة الدنيا أو مواجهة أنفسهم ، ومن ثم فهم لا يحتفظون في ذاكرتهم بغير قدر ضئيل من مطالعاتهم ، وهم كذلك لا يقيمون وزناً يذكر لمصادر المعرفة التي يستقون منها ... وهنا تكون القراءة مسألة سلبية ، فهم يلتهمون الصفحات دون تمعن أو تأمل ، ودون أن يفردوا لها فراغاً في عقولهم ، أو يستوعبوها بأي الطرق ...
هذا في حين أن القراءة للإستمتاع عمل إيجابي ، فهواة الروايات مثلاً يقرأونها لإرضاء هوى في نفوسهم ، وآملاً في أن يصادفوا معاني الجمال التي تثير أو تهز عواطفهم ، أو يعوضوا ما حرمتهم الحياة من مغامرات.. الخ ، ومن هؤلاء من يقرأ لمتعة البحث بين ما أنتجه الشعراء والأدباء عن خير تعبير يصور خلجاته وتجاربه أو مشاعره الشخصية ، ومنهم من يقرأ التاريخ - دون أن يقف على عصر معين أو فترة بعينها - لأنه يجد متعة خاصة في أن يتحقق من أن مشاعر الإنسان واحدة رغم توالي القرون ، وهذا الإستمتاع بالقراءة إتجاه سليم ولا شك ...على أن من القراءة ما يكون " عملاً " وتلك هي التي يمارسها رجل يبحث عن نوع معين من المعلومات يحتاج إليه ليعزز أو يكمل صرحاً في ذهنه يوقن من أهميته ، والقراءة كعمل يجب أن يصحبها قلم أو ريشة في اليد ما لم يكن للقارىء بالطبع ذاكرة جبارة ، فليس أضيع للوقت الثمين من أن يبحث المرء مرتين عن فقرة يريد إستخدامها ... ويستطرد موروا قائلاً لقد إعتدت حين أقرأ كتاباً في التاريخ أو في أي موضوع أن أسجل على غلافه مذكرات عن الفقرات الهامة وأرقام الصفحات ، وبهذا أستطيع أن أرجع إليها إذا دعت الضرورة دون أن أضطر لقراءة الكتاب بأكمله مرة ثانية ، ويمضي موروا بنا إلى مرحلة أخرى ذات أهمية ودلالة بالغتين فيقول أن للقراءة " ككل عمل " قواعد خاصة وخليق بالمرء في شبابه أن ينقب بين الكتب كما يبحث في الدنيا عن الأصدقاء ، فإذا ما عثر على ضالته المنشودة منها وإصطفاها إلى نفسه ، وجب أن ينفرد بها في عزلة ، وإن ملازمتك للكتاب الذي تحبه وتصطفيه لتكفي كي تملأ عليك حياتك .. وعندما يقرأ المرء يجب أن يولي كبار كتاب الماضي أعظم قدر من الإهتمام ، ولا مراء في أنه من الطبيعي والضروري أن يتعرف إلى كتاب العصر الحاضر ، إذ بينهم نجد الأصدقاء الذين يعانون هواجسنا ويحسون بحاجاتنا ، لكننا ينبغي أن لا نغرق في بحار من الكتب التافهة في حين أن لدينا من الروائع عدداً كبيراً قد لا نستطيع أن نحيط به كله ، فلنطمئن إلى ما إختارته القرون الغابرة ... وكما أن الإنسان يخطىء فليس بمستبعد على جيل من الأجيال أن يخطىء ، ولكن الإنسانية كلها لا تخطىء قط ، ومن المؤكد أن هوميروس ، وشكسبير ،وموليير أهل لما أصابوا من شهرة ، ولذا فمن حقهم أن نؤثرهم بقسط من التفضيل على الكتاب الذين لم يتعرضوا بعد لحكم الزمن
هذا في حين أن القراءة للإستمتاع عمل إيجابي ، فهواة الروايات مثلاً يقرأونها لإرضاء هوى في نفوسهم ، وآملاً في أن يصادفوا معاني الجمال التي تثير أو تهز عواطفهم ، أو يعوضوا ما حرمتهم الحياة من مغامرات.. الخ ، ومن هؤلاء من يقرأ لمتعة البحث بين ما أنتجه الشعراء والأدباء عن خير تعبير يصور خلجاته وتجاربه أو مشاعره الشخصية ، ومنهم من يقرأ التاريخ - دون أن يقف على عصر معين أو فترة بعينها - لأنه يجد متعة خاصة في أن يتحقق من أن مشاعر الإنسان واحدة رغم توالي القرون ، وهذا الإستمتاع بالقراءة إتجاه سليم ولا شك ...على أن من القراءة ما يكون " عملاً " وتلك هي التي يمارسها رجل يبحث عن نوع معين من المعلومات يحتاج إليه ليعزز أو يكمل صرحاً في ذهنه يوقن من أهميته ، والقراءة كعمل يجب أن يصحبها قلم أو ريشة في اليد ما لم يكن للقارىء بالطبع ذاكرة جبارة ، فليس أضيع للوقت الثمين من أن يبحث المرء مرتين عن فقرة يريد إستخدامها ... ويستطرد موروا قائلاً لقد إعتدت حين أقرأ كتاباً في التاريخ أو في أي موضوع أن أسجل على غلافه مذكرات عن الفقرات الهامة وأرقام الصفحات ، وبهذا أستطيع أن أرجع إليها إذا دعت الضرورة دون أن أضطر لقراءة الكتاب بأكمله مرة ثانية ، ويمضي موروا بنا إلى مرحلة أخرى ذات أهمية ودلالة بالغتين فيقول أن للقراءة " ككل عمل " قواعد خاصة وخليق بالمرء في شبابه أن ينقب بين الكتب كما يبحث في الدنيا عن الأصدقاء ، فإذا ما عثر على ضالته المنشودة منها وإصطفاها إلى نفسه ، وجب أن ينفرد بها في عزلة ، وإن ملازمتك للكتاب الذي تحبه وتصطفيه لتكفي كي تملأ عليك حياتك .. وعندما يقرأ المرء يجب أن يولي كبار كتاب الماضي أعظم قدر من الإهتمام ، ولا مراء في أنه من الطبيعي والضروري أن يتعرف إلى كتاب العصر الحاضر ، إذ بينهم نجد الأصدقاء الذين يعانون هواجسنا ويحسون بحاجاتنا ، لكننا ينبغي أن لا نغرق في بحار من الكتب التافهة في حين أن لدينا من الروائع عدداً كبيراً قد لا نستطيع أن نحيط به كله ، فلنطمئن إلى ما إختارته القرون الغابرة ... وكما أن الإنسان يخطىء فليس بمستبعد على جيل من الأجيال أن يخطىء ، ولكن الإنسانية كلها لا تخطىء قط ، ومن المؤكد أن هوميروس ، وشكسبير ،وموليير أهل لما أصابوا من شهرة ، ولذا فمن حقهم أن نؤثرهم بقسط من التفضيل على الكتاب الذين لم يتعرضوا بعد لحكم الزمن
يُتبع
هناك تعليق واحد:
كتاباتك رائعه جدا
* لقد استعرت بعض من عباراتك لمقاله اكتبها
إرسال تعليق