تصدق هذه العبارة ربما أيضاً في حق من يتجاوزون قوالب العبارات والجمل إلى حيث المعاني والمقاصد ، فسيكون من الجميل هنا أن تسمع ما لم يقله محدثك أو ما عجزت كلماته عن التعبير عنه أو البوح به ، وقد يكون من اللافت أن ترى مواطن الجمال في الأشياء التي تتبدى في عينيك مزرية أو مهملة ، فالجمال ساكن في كل شئ تقريباً ، كل ما عليك أن تحاول أن ترنو إليه بعينين برئيتين وجميلتين ومتصالحتين ، وساعتها قد تدرك أنك أضعت عمراً طويلاً في النظر لا في التبصر ، فقد يروقك الخط المستقيم ، ولكن المتعرج ليس بالضرورة منسخلاً من كل فضيلة ، قد تعلمك هذه العبارة أيضاً ليس فنون الغوص داخل تيارات المشاعر الإنسانية بحرارتها وبرودتها فحسب ، وإنما تعلمك ما هو أهم وأعمق وهو أن ألا تحسب الحرارة بالضرورة مجلبة للدفء ، ولا البرودة بالضرورة مجلبة لنزلات البرد والإرتعاد ، فالشئ أشياء والوجه أوجه ووجوه أحياناً .
2011/11/04
نظرة إلى الداخل
تصدق هذه العبارة ربما أيضاً في حق من يتجاوزون قوالب العبارات والجمل إلى حيث المعاني والمقاصد ، فسيكون من الجميل هنا أن تسمع ما لم يقله محدثك أو ما عجزت كلماته عن التعبير عنه أو البوح به ، وقد يكون من اللافت أن ترى مواطن الجمال في الأشياء التي تتبدى في عينيك مزرية أو مهملة ، فالجمال ساكن في كل شئ تقريباً ، كل ما عليك أن تحاول أن ترنو إليه بعينين برئيتين وجميلتين ومتصالحتين ، وساعتها قد تدرك أنك أضعت عمراً طويلاً في النظر لا في التبصر ، فقد يروقك الخط المستقيم ، ولكن المتعرج ليس بالضرورة منسخلاً من كل فضيلة ، قد تعلمك هذه العبارة أيضاً ليس فنون الغوص داخل تيارات المشاعر الإنسانية بحرارتها وبرودتها فحسب ، وإنما تعلمك ما هو أهم وأعمق وهو أن ألا تحسب الحرارة بالضرورة مجلبة للدفء ، ولا البرودة بالضرورة مجلبة لنزلات البرد والإرتعاد ، فالشئ أشياء والوجه أوجه ووجوه أحياناً .
2011/10/15
منتهى الحكمة
( الرجال والشعوب يتصرفون بحكمة بعد أن يستنفذوا جميع الخيارات الأخرى )
في طريق سعيه إلى الحكمة يرتكب المرء منا الكثير من الحماقات ، ولديه منطق معقول وحجج لطيفة تقوم على فكرة أن الأمر إذا كان يتعلق بأخطاء وعثرات هنا وهناك وصولاً إلى غاية محددة ودقيقة فلا بأس ، ذلك أن الحياة الإنسانية هي بشكل ما حقلاً لغرس ونمو التجارب والخبرات ، وما كان لأي منا أن يصل إلى غايته ومنتهاه إلا بتجريب واسع ونظر يحتمل الصواب كما يحتمل الخطأ ، وأن الإجتهاد مبرر طالما الغاية النهائية تستأهل هذا النوع من التجريب والنظر ، وأنه قلما يبلغ أحدنا حاجته على أية حال دون وقوع خسائر على الطريق .
في ظني أن مقولة أبا إيبان السابقة لا تعني هذا الصنف من الناس ، إنما ما تعنيه هنا هو أن البعض يروم الحكمة لا لذاتها وإنما لأنه ربما لم تعد لديه المزيد من الحماقات لإرتكابها ، وهذا هو الفارق بين أن تكون أخطاؤك مبررة أو متفهمة على اقل تقدير في سبيل وصولك لغاية على الأرجح تكون نبيلة أو مشروعة ، وبين أن يكون إستهدافك الحكمة التي تسعي إليها بمثابة الملاذ الأخير لإستنفاذك كل سبل الحمق الأخرى .
أحياناً تكون الحكمة على مرمى حجر منا ولا نكلف أنفسنا عناء خطوات قليلة لإلتقاطها ، ولربما نرمقها بأبصارنا ولكننا في الحقيقة لا نريد أن نراها ، ونفضل عوضاً عن ذلك أن نجوب الكرة الأرضية طولاً وعرضاً قبل أن نعود إليها من جديد بعد أن نكون قد إستنفذنا طاقة ووقت فيما لا طائل من وراءه ، إن قليل من التبصر والهدوء من شأنهما أن يعيدا إنتاج خلايا جديدة تساعد على الإقتراب أكثر وأكثر من باب الحكمة الكبير ، قد لا تلج هذا الباب ، قد لا تملك حتى القدرة على طرقه ، قد تعجز ربما عن الإحاطة بحدوده ، قد لا تساعدك قدراتك على مجرد النظر إلى مقابضه ومفاتحه ، ولكن لئن تكون أبعد قليلاً من أبواب الحكمة لهو أفضل بكثير من أن تكون قريباً جداً من أبواب الحماقة ، إن نظرة واحدة حولك وفيمن حولك ستثبت لك أن سحب الحماقة تكاد تغطي الجميع الذين يتفاوتون فيما بينهم فقط على مقدار ما يستوعبونه من هذه السحب الأمر الذي سينتج لك مشاهد متنوعة من اللا معقول واللا مفهوم ، يستوي في ذلك الأفراد والمجتمعات والشعوب .
على أية حال فقد ذكرتني هذه المقولة بأحد الحكماء الذي ناظر الإسكندر الأكبر فسأله :-
- ماذا ستفعل بعد أن تغزو مصر ؟
- قال سأغزو بلاد الفرس .
- وماذا ستفعل بعد أن تغزو بلاد الفرس ؟
- قال سأغزو بلاد الروم .
- وماذا ستفعل بعد أن تغزو بلاد الروم ؟
- قال سأستريح .
- فقال له الحكيم ولما لا تستريح من الآن ؟
نعم .. فإذا كان بوسعك أن تسترح الآن ، فلما لا تفعل ذلك الآن ؟ وإذا أمكنك أن تشعر ببعض الغبطة والإرتياح الآن ، فلما المماطلة والتسويف ؟ إن اللحظة التي تنتظرها هي الآن وليست لاحقاً ، ذلك أن اللحظات اللاحقة في الواقع قد لا تأتي أبداً ، وإن أتت فأدركتك فلا توجد ضمانة حقيقية أنها ستكون لحظات راحتك وسعادتك .
*****
2011/10/02
خبرة الإختزال
2011/09/24
حلول مرحة !
2011/09/22
الألوان جميعها .. لوناً واحداً
(سياراتنا متوفرة بجميع الألوان بشرط أن تكون سوداء)
عزيزي .. عزيزتي
هذه مقولة تجمع بين الطرافة والتصالح مع النفس ، قلما يكون أحدنا كذلك ، لا نجيد في الواقع تحديد أهدافنا بدقة ، وإن حدث فلا نملك زاوية الإتجاه الصحيحة لتحقيقها ، فنفضل أن نقف أمام الباب لوقت طويل قبل أن نبادر بطرقه هكذا بكل بساطة ، لدينا القرار مسبقاً ولكننا نناور ، نناقش قبل أن نقول كلمة بسيطة واحدة هي (لا) أو (نعم) ، والحقيقة أن هنري فورد في مقولته هذه حسم خياره بكلمة واحدة ولكن عبقريته تبدت في صياغتها بذكاء ومرح .
تمثل هذه المقولات على ما ترون من بساطتها أو عفويتها نتاج خبرة رائعة ، لا يسع الكثير منا أن يحذو حذوها ، كلنا يود لو يكون مباشراً ومرحاً ، إنما المعضلة تكمن في أننا نريد أن نكون كذلك ولو ذهب الجميع إلى الجحيم .. لا يهم ، كما أننا أحيانا ننفعل بمقولة أحدهم ونتمنى أن لو كانت لنا ، فنعيد إستنساخ المعني وصبه في قوالب جديدة ، فنعيد إنتاجها وتسويقها وكأننا أصحابها الحقيقيين ، ولله في المدلسين شئون ، ولأنني لست بدعاً من أحد فأنا أعيد إستنساخ مقولة فورد حسب فهمي لها فأقول :-
- أنا مستمع جيد ولدي الوقت الكافي للإنصات ، والتعرف على كل وجهات نظرك ، وليست لدي أية حساسية في أن تجاهر حتى برأيك المخالف لي ، ولكن يا عزيزي .. هناك في النهاية رأياً واحداً يجب أن يأخذ طريقه إلى النور ، وهذا الرأي لي أنا .
- لا بأس .. سأصطحبك إلى افخر المطاعم ، لا تقلق سأتولى دفع فاتورة الحساب ، لكن أستميحك عذراً فأنا من سيختار قائمة الطعام .
- ليس من المرؤة ألا تعبر عن غضبك مني ، وأظنك لن لا تمانع لو اشرت عليك أن تتجه إلى الحائط المجاور لك لتختبر مدى صلابة رأسك .
- جميل حقاً ما تكتبين ، ولكني قليل الإنفعال بما لا يخطه قلمي .
- ساحر عطركِ عزيزتي .. لكن لا أعلم لماذا لا يعلق بملابسي ! .
2011/09/17
قول على قول
عزيزتي / مدام شويكار
كيف حالكِ ؟ علمت أنكِ جنيتِ محصول الزيتون لهذا العام ، لعلك الآن تشعرين ببعض الغبطة فأنا أعلم كم تحبينه زيتاً وثمراً ، على أية حال وددت قبل أن أوافيكِ بردي على جوابكِ أن أورد لكِ أولاً قصة مختصرة حسبما أسعفتني به ذاكرتي بعد إدخالي بعض التعديلات عليها لتتناغم مع الخط العام للرسالة .
ففي لقطة سينمائية هوليوودية ، تمددت سيدة في منتصف الخمسينات تقريباً على فراش المرض بإحدى المستشفيات بينما كانوا يهم الأطباء بإجراء عملية جراحية أخيرة لها وكانت نسبة نجاحها فيما يبدو ضئيلة للغاية ، وإصطحب رئيس الفريق الطبي المعالج أربعة من شباب المتدربين من الأطباء المتخرجين حديثاً من كلية الطب إلى حيث غرفة المريضة وطلب من كل واحد منهم حسب دوره في الفريق أن يسأل المريضة سؤالاً واحداً عن حالتها المرضية فدار بينهم الحديث التالي :-
- الطبيب الأول : سيدتي .. هل هناك تاريخ مرضي في العائلة لذات المرض الذي تعانينه ؟
- المريضة : أجل أيها الطبيب ، كانت أمي مصابة به ، وبه ماتت .
- الطبيب الثاني : سيدتي .. إذا تم بتر ساقك فهل تقبلين التعايش مع أية أطراف صناعية تعويضية أم أنك تفضلين إستخدام مقعد متحرك ؟
- المريضة : تبدو خياراتي محدودة أيها الطبيب .
- الطبيب الثالث : سيدتي .. هل لديك علم بأنه حتى في حال نجاح العملية فإن أجزاء أخرى من أطرافكِ قد تكون معرضة للبتر في وقت لاحق ؟
- المريضة : أطرقت هنيهة ثم قالت .. ها قد علمت منك الآن أيها الطبيب .
*****
2011/09/14
تعلم الثورة بدون معلم
- ثائر عادي
- ثائر متعدد
الأنظمة .
- ناشظ حقوقي
.
- محلل سياسي
.
- خبير أمني
وإستراتيجي .
- باحث في
شئون الجماعات الثورية والإنفصالية .
- إخصائي في
شئون منظمات المجتمع المدني .
- الأسطوانة
المدمجة المحمل عليها البرنامج صُنعت من مواد خاصة وبالغة الحساسية ،
وبالتالي لا ينصح بتجربتها أو تشغيلها بالتزامن مع عزف السلام الوطني لبلدك .
- حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية للجهة المصنعة ، فإننا قد نعمد إلى إجراء فحصاً لحمضك النووي الـ DNA كي لا تصدق نفسك ، وتدعي لاحقاً بأنك (الأب الشرعي) للثورة .
2011/09/08
فتىً من الصومال
- إلام ترنو يا بني ؟ أم ُترى قد برق البصر ؟
- هل أنت دائماً هكذا شارد النظر ؟
- هل خارت القوى ، هل هدك التعب ؟
- هل بات حتى الموت عزيز يُرجى ولا يُنتظر ؟
- لما صدرك عارياً هكذاً ?
- لما بدت من خلال جلدك الأمثال والعبر ؟
- لما الدمع في عينيك متردداً ؟
- هل تراني مبالغاً في وصفي أم أن في المسألة نظر ?
- يا بني دع الدمع يجري ، فعما قليل تلقى مليكك المقتدر .
- وددت قبل الرحيل لو تصف لي الجوع والعطش والنصب والكبد .
- أما إذا كان حالك حال زهد فقل لي في الزهد قولاً لا أسأل عليه من بعدك أحد .
- يا بني إن وعدوك بالحنطة والدواء فحدثهم عن أنهار من خمر وعسل .
- وإن إعتذروا عن إغاثة لهفتك فصف لهم الفاكهة أو إن شئت الدسم .
- وقل لهم أن لحم الطير هاهنا يُشتهى ، وأن الثمر هاهنا بيسر ُيقتطف .
2011/09/05
جديد الأجوبة
عزيزي / أبو البنات
وصلتني رسالتك ، ووعيت مقالتك ، ثم أخذتني الفكرة فتملكتني الحيرة ، فكيف لي أن أتعاطى مع أسئلة تحمل الإجابة عنها ناراً وباروداً ، يا عزيزي .. إن كل أسئلتك كان يمكن إختصارها في سؤال واحد وهو ( لماذا أنت هنا في حين كان يجب عليك أن تكون هناك ، ولما أنت هناك في وقت كان يتعين عليك أن تكون هنا ؟ ) وإذا صدق حدسي أو تحليلي فإنك لست هنا ، كما أنك لست هناك ، وإذا بلغ بك الظرف مداه فسألتني ( حسناً .. فأين أنا ؟ ) فسأقول لك بلا تردد ( أنت لست في أي مكان ) ، فإذا كنت لا تشعر بوهج اللحظة فأنت لا تعيشها ولا تعيشك ، وإذا إنساب الزمن منك وإنسبت منه فمن الواضح أنكما تعيشان معاً في حالتي خصام وعناد ، يود أحدكما لو يتخلص أو يتخفف على أقل تقدير من عبء ملازمة الآخر ، فأنت تطرد اللحظة وهي لا تأبه بك ، تتجاهلها فتنصرف عنك ، وإذا عدت فراودتها تمنعت عنك ، فلا أحد عاقل يا عزيزي يحتقر الزمن ، وحسب رأيي فأنك يجب أن تكون متصالحاً مع اللحظة ، خذها على علاتها تهبك أجمل ما فيها ، وإن تعلقت بها باحت لك بجميل أسرارها .
هل آلمتك كلماتي ؟ ليتها تفعل ، ولكن ماذا عساي أقول لمن يجاهر بالقول أنه قد عاش أكثر من اللازم ، لكن لا بأس ، فقط وددت إخبارك أن الخيارات مازالت متاحة أمامك وأن الوقت لم يمض كله ، فتحين لذلك الأمر لعل لحظتك الحقيقية هي الآن وليست لاحقاً ، وأرجوك أن تبادر إلى العمل وتكف عن المراوغة ، وفي سبيل ذلك لن أهبك نصحي المخلص فحسب وإنما سأقترح عليك تغيير بعض من عاداتك السلوكية الموغلة في القدم ، ذلك أن التغيير من وقت لآخر ينشط الإحساس ويدفع الهمة لاسيما إذا كان التغيير إلى الأفضل ، وعليه يرجى تتبع ملخص الإرشادات التالي الذي قمت بإستقائه من واقع خبرتي بك ، ولا تحاول تصنع التلطف فتسألني عما إذا كانت هناك صور توضيحية مرفقة ضمن هذه الإرشادات .
على الصعيد النفسي والسلوكي : أزل حائطاً واحداً على الأقل من الحوائط الأربعة المحيطة بك لترى العالم من حولك .. مزق ستائر الغرف التي تحجب عنك طور نمو الزمن .. لا تكثر من النظر في المرآة ، فلن ترى سوى نسخة مكررة لصاحب الفرص الضائعة .. عد من جديد فإرتدي ساعة يدك ، فسيعطيك هذا مؤشراً على كون الزمن يمضي ولا يقف .. تحلل رويداً رويداً من ألوان ملابسك القاتمة ، فالأسود يا عزيزي لم يعد سيد الألوان .. كف عن وضع يدك على فمك وأنت تستمع إلى الآخريين ، فالصمت موات مطبق .. ليتك تكف عن التحدث إلى نفسك بصوت مسموع ، فتكون أنت الصوت وتكون أنت الصدى .. أدري أنك تتحاشى النظر في عيون الآخريين ، ولكن أعطِ فرصة للآخريين للنظر إليك .. تحسس موضعاً لقدميك ، وإنما دون نظر دائم إلى الأرض كما تفعل .. حاول التخلص من الكرافتات وأربطة الأحذية فلديك من العقد ما يكفي .. إن تغييراً بسيطاً في موضع فراشك ودولاب ملابسك سيكون له مردود طيب عندما تكسر به حالة روتينك الرتيبة ، ولن يكون أبداً بمثابة إنقلاباً على قواعد الكلاسيكية العتيقة التي تهواها .
وعلى صعيد العادات الغذائية والصحة البدنية : إستبدل فنجان القوة الصباحي بآخر للينسون ، وإعلم أن إعداد القهوة بنفسك ليس كله منتهى الشاعرية كما تزعم .. خفف من التدخين ما إستطعت ولا تكرر على مسامعي حججك الواهية عن رومانسية خيوط الدخان المتصاعد .. الشاي الأخضر أفضل من نظيره الأحمر كما يقول الأطباء ، ولا تكرر مقولتك البائسة أن الأطباء جميعهم أفاكون .. تعلم البهجة من السلطة ذات الخمسة ألوان دون أن يكون من بينها اللون الرمادي إياه .. كن قربياً من مصدر دائم للمياه لما لها من طاقة إيجابية على البدن ، دون أن يعني ذلك أن تأخذك حمامك فيما يزيد على النصف ساعة كما جرت وتجري بك العادة .. تجنب سماع الأخبار السياسية وبرامج التوك شو قبل ساعة واحدة على الأقل من نومك لكي لا يبلغ بك الإنفعال مبلغه فتدير حواراً سياسياً إفتراضياً مع وسادتك .. وأخيراً يجب أن تعي أن مشروب البيبسي ليس أهم منجز حضاري لبني الإنسان حسب قولك .
هذا يا عزيزي ما وسعني ذكره ، أقوله لك وأنا عليك والله مشفقة ، وإن كنت على يقين بأن مقولاتي لن تجاوز سمعك العابر ولا بصرك الذي إستمرأ التمرد على الرؤية .
شويكار
2011/09/02
قديم الأسئلة
عزيزتي / مدام شويكار
تحية وسلاماً
ها أنا أعود إلى الكتابة إليك من جديد ، إلكترونياً هذه المرة بعد أن شاركت ويا للأسف في توديع طرق البريد التقليدية ، فلا مداد ولا أوراق ولا طوابع بريد ، إنما حروف بلهاء رقم دقة نظمها ووضوحها وحتى جمال ألوانها ، ودعت كذلك العبارة التي كنت أكتبها على ظهر مغلفاتي متوجهاً فيها بالشكر لكل رجال البريد الحاملين لرسائلي إليك ، لا أعرف على وجه الدقة إذا كان يتعين أن أتوجه بالشكر لأحد ما هنا .
عزيزتي ... مضت ربما أعوام طويلة جداً على تاريخ آخر رسالة مكتوبة لك ، أشعر الآن وبعد كل هذه الأعوام بقدر كبير من التحرر ، فضلاً عن الجرأة النسبية على الإشارة بوضوح إلى مواضع القلق ومنابته الأولى ، لا أتوقع منك وصفة طبية جاهزة ولا حتى تركيبة دوائية من عينة أعشاب طبك البديل المحبب إليك ، ذلك أنني أعتبر أن مجرد الكتابة إليك ليست نوع من الإستشفاء الذاتي بل أنه وفي أحسن تقدير نوع من تحييد مناطق الألم أو إبطاء كمياءه التفاعلية ، في العلوم العسكرية يسمونها مناطق منزوعة السلاح بحسبانها مناطق توتر ، أعلم أنك خبيرة في هذا الملف وإن كنت لم تبلغ فيه القمة والكفاية لا لعيب في قدراتك وإنما لأنني ربما لا أمنحك الفرصة الكاملة لتقومين بتصفح خارطتي الجينية بدقة .
كما تعودتي مني سأكون صادق القول معك ، فأنت تعلمين أن فنون الكذب معك تتوارى ، فحيلي القانونية وإجاباتي الدبلوماسية يا عزيزتي ما عادت بذات جاذبيتها الأولى كأنها هي الأخرى هرمت أو تريد أن تتقاعد ، وإن كنت مازلت أحتفظ بالبعض منها ، سأطرح عليك التساؤلات كما تعودت دوماً ، وسأهيئ نفسي لتلقي الإجابات التي ما كانت لتخطر لي على بال ، وسأحاول أن أخفي دهشتي من تحليلك وكأنني أعمل على التقليل من شأن عمقها أو صراحتها ، وربما سألجأ كما في كل مرة إلى المناورة لكي أتجنب النظر في المرآة التي تقومين بوضعها أمامي بكل حكمة وإقتدار وكأنك تقولين لي أن الصورة التي تعكسها المرآة هي ذاتها الأسئلة وهي ذاتها الأجوبة في آن معاً ، تعلمين أني ملول حتى الملل ، فكوني كما عهدتك متواضعة لينة الجانب ، وترفقي كما تترفق العين الخبيرة بموضع الزهر الأخضر كي لا ُيحال إلى هشيم تذروه الرياح .
إليك أسئلتي وأعلم أنك لن تسخري منها وإن بدت موضعاً لسخرية العالمين ، ذلك أنك ما كنت لتقفين عند حدود الألفاظ بقدر سعيك وراء المقاصد والمعاني .
- - لما أجدني وأنا في إنتظار لحظتي التالية أنسى في الغالب لحظتي الأنية ؟
- - لما أجدني أرقب بشغف وشاعرية القادم أكثر من حماستي أو تفاعلي مع الراهن ؟
- - لما في صيفي الحار أجدني أرسم صورة دقيقة للشتاء بدفئه وإحساسه الأكثر دفئاً ، ولما تختلط لدي دائماً حسابات فصلي الربيع والخريف ؟
- - هل من العسير جداً على الأفهام أن أحاول تسمع زخات المطر وهي تداعب بلطف ودلال النافذة الزجاجية لغرفة نومي رغم أننا في شهر أغسطس بقيظه وحره ؟
- - وهل ترين شيئاً من المبالغة إذا حسبت الضوء المنساب عبر النافذة إلى حيث فراشي ما هو إلا ضوء برق مصحوب بصوت رعد يؤذن كل منهما ببدء موسم من الليل الطويل ؟
- - وهل تجدين سبباً وجيهاً يمنعني من إعتمار قبعة للمطر وإرتداء معطف من الصوف في درجة حرارة خارجية تناهز الخمسين ؟
- ولما يعد السير تحت المطر أحد أهم الفضائل الإنسانية ؟
- - وهل تجدين منطقاً يتوافق مع عدم تطلعي إلى الإمام بذات القدر الذي يتعلق بالنظر إلى حيث الأفق البعيد اللا متناهي ؟
- - وهل تجدين أنه من المبهر حقاً أن يكون مصدر المتعة مؤجلاً بصفة دائمة ؟
- - لما مع تفتح مسامات جديدة للتخيل يظل اليقين شارداً ؟
إذن فتلك أسئلتي أوردها لك مختصرة ، فعاودي قراءتها وتمهلي في الإجابة عنها ، فلست في عجلة من أمري ، فلقد ظللت عقود طويلة أطرح ذات الأسئلة بصيغ وأشكال مختلفة ، وأصدقك القول أني لا أتوقع منك إجابة شافية ولا وافية وهذا ربما جزء من مشكلتي ، فالإجابات دائماً محل شكي وتوجسي ، والحلول في ظني بمثابة مشكلة إضافية ، وأن النقطة التي بنهاية السطر ما هي إلا إستهلال رتيب لفقرة جديدة ... وتقبلي في النهاية خالص تحيتي ومودتي .
أبو البنات
2011/08/17
(6) أبو الهول ثائراً
- (الألف) لم يعد يعقبه (باء) .
- (والسين) تحولت إلى (صاد) .
- (والهاء) فرت إلى حيث (الواو) .
- وفي غفلة من الحساب إتفق البسط مع المقام على تبادل الأدوار .
- والزاوية القائمة باتت مائلة .
- وشبه المنحرف تاب فأناب فأصبح خطاً مستقيماً .
- ويساوي لم تعد تشكل ناتج لأي عملية حسابية .
موضوعات المدونة
- عندما يأتي المساء (127)
- أوراقي الصفراء (36)
- مقالات برمجية (16)
- قول من قول (11)
- مكاتيبي (9)
- القوارير (6)
- مصر الثائرة (6)
- الآتيليه (4)
- غفوات النفس (1)