شاعر وكاتب مسرحي ألماني
( الجمهور هو ذلك الذي يصفق للألعاب النارية
ولا يصفق لشروق الشمس )
عزيزي .. عزيزتي
مقولتنا اليوم بديعة حقاً لكونها تتعلق
بقسمة منطقية وواعية بين نوعين من الناس ، سمى صاحبنا أحدهما بـ (الجمهور) ، بينما
أمسك عن وصف النوع الثاني منهم ، لا لشئ
- ربما - إلا لوضوح الدلالة .
بالطبع لا يقصد الشاعر والكاتب الكبير قصر
المعنى المراد من مقولته على حالة من ينشغل ببهجة الألعاب النارية ، ويغفل عن
البهجة الأسمى المتمثلة في شروق شمس دنيانا ، ذلك أن هذه المقولة – يالتأكيد -
تتعدى حدود الكلمات التي تضمنتها ، وتُجاوز بمراحل الواقعة التي ضرب لها الشاعر
مثلا ، إنما هي إشارة بليغة ، ولفتة رائعة لكل أحد رضي بالأدني دون الأقصى ،
وتشاغل بنشوة اللحظة عن المتعة المستدامة .
لطالما حثنا الخالق سبحانه على النظر والتدبر ، وإجالة الخاطر ، وإنزال
الأمور منازلها التي تستحق وتستأهل ، كما ان التجارب الحياتية - على تنوعها - تعطي
فرصاً حقيقية لإعادة التفكير وترتيب المهام ، وكلما كان نظرك ووعيك - في نفسك وفيمن
حولك - متسقاً مع الغايات الكبرى والأهداف البعيدة ، كلما كنت قريباً جداً من
الولوج إلى مواطن السعة والجمال ، وهذا الأمر قطعاً لا يتأتى لأحدنا بمجرد قراءته
لمقال أو حتى كتاب ، إنما الأمر في الواقع هو مران مستمر ، ودأب متواصل لا يتوقف ،
ومع بلوغك مرحلة متقدمة في هذا المضمار ، فإنك غالباً لن تتوقف حتى تضع يدك على مباهج
المرحلة التي تليها ، وهكذا حتى تهدأ روحك وتصفو نفسك ، وتصبح متسقاً كامل الإتساق
مع عالمك ، وكل من حولك أيضاً .
إن المتتبع لمواطن الإبداع والجد في هذه الحياة سيجد بسهولة أن الباعث
الحقيقي وراء ذلك لم يكن سوى أن أناساً كثيرون لم يكتفوا بالتصفيق للألعاب النارية ، بينما
يمموا وجهوهم قِبل السماء ليصفقوا للشمس حال بزوغها . بكل ما يحمله هذا المعنى من
دلالات ليس أقلها تمردهم على القوالب والمسلمات الباردة ، ومناهضتهم لفكرة التموضع
الممل حول الأشياء ، ومكافحة الرتابة الجالبة للأسقام .
إن الدعوة إلى التصفيق للشمس ، ليست دعوة بلاغية خطتها يد شاعر أريب
، بقدر ما هي دعوة لإستنهاض النفوس وحثها على الإرتقاء إلى معالي المشاعر ، وعظائم
الأمور .
وأرجوا ألا يُفهم من السياق المتقدم أنه يحط من قيمة أو قدر أي أحد ممن لا يشاركني الفهم على نحو ما سلف ، فالناس دائماً سيظلون متفاوتين في المشاعر والأفهام ، فسيكون هناك دوماً من ينشغل بنظافة حذاءه ، بينما سينكبُ آخرون على العناية بنضارة وجوههم .
وأرجوا ألا يُفهم من السياق المتقدم أنه يحط من قيمة أو قدر أي أحد ممن لا يشاركني الفهم على نحو ما سلف ، فالناس دائماً سيظلون متفاوتين في المشاعر والأفهام ، فسيكون هناك دوماً من ينشغل بنظافة حذاءه ، بينما سينكبُ آخرون على العناية بنضارة وجوههم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق