
- وما هند إلا مهرة عربية سليلة أفراس تحللها بغل
- فإن ولدت فحلاً فلله درها وإن ولدت بغلاً فجاء به البغل
فإنصرف الحجاج راجعاً ولم يدخل عليها ولم تكن علمت به ، فأراد الحجاج طلاقها فأنفذ إليها عبد الله بن طاهر وأنفذ لها معه مائتي ألف درهم ، وهي التي كانت لها عليه ، وقال يا إبن طاهر طلقها بكلمتين ولا تزد عليهما ، فدخل عبد الله بن طاهر عليها فقال يقول لك أبو محمد الحجاج كنت فبنت أي أصبحت طالقاً وهذه المائتا ألف درهم التي كانت لك قبله ، فقالت إعلم يا إبن طاهر إنا والله كنا فما حمدنا ، وبنا فما ندمنا ، وهذه المائتا ألف درهم بشارة لك بخلاصي من كلب بني ثقيف ، ثم بعد ذلك بلغ أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان خبرها ووصف له جمالها فأرسل إليها يخطبها فأرسلت له كتاباً تقول فيه بعد الثتاء عليه ، إعلم يا أمير المؤمنين أن الإناء ولغ فيه الكلب ، فلما قرأ عبد الملك الكتاب ضحك من قولها وكتب إليها يقول إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً إحداهن بالتراب ، فإغسلي الإناء يحل الإستعمال ، فلما قرأت كتاب أمير المؤمنين لم يمكنها المخالفة فكتبت إليه بعد الثناء عليه ، يا أمير المؤمنين والله لا أحل العقد إلا بشرط فإن قلت ما هو الشرط قلت أن يقود الحجاج محملي من المعرة إلى بلدك التي أنت فيها ، ويكون ماشياً حافياً بحليته التي كان فيها أولاً ، فلما قرأ عبد الملك ذلك الكتاب ضحك ضحكاً شديداً وأنفذ إلى الحجاج وأمره بذلك ، ، فلما قرأ الحجاج رسالة أمير المؤمنين أجاب وإمتثل الأمر ولم يخالف ، وأنفذ إلى هند يأمرها بالتجهيز ، فتجهزت وسار الحجاج في موكبه حتى وصل المعرة بلد هند في محمل الزفاف وركب حولها جواريها وخدمها وأخذ الحجاج بزمام البعير يقوده ويسير به ، فجعلت هند تتواغد عليه وتضحك مع الهيفاء دايتها ثم إنها قالت للهيفاء يا داية إكشفي لي طرف المحمل فكشفته فوقع وجهها في وجه الحجاج فضحكت عليه فأنشأ يقول :
- فإن تضحكي مني فيا طول ليلة ..... تركتك فيها كالقباء المفرج
فأجابته هند وهي تقول
- وما نبالي إذا أرواحنا سلمت بما فقدناه من مال ومن نشب
- فالمال مكتسب والعز مرتجع إذا النفوس وقاها الله من العطب
ولم تزل كذلك تضحك وتلعب إلى أن قربت من بلدة الخليفة ، فرمت بدينار على الأرض ونادت يا جمال إنه قد سقط منا درهم فإرفعه إلينا ، فنظر الحجاج إلى الأرض فلم يجد إلا ديناراً ، فقال إنما هو دينار ، فقالت بل هو درهم ، قال بل دينار ، فقالت الحمد لله سقط منا درهم فعوضنا الله ديناراً فخجل الحجاج وسكت ولم يرد جوابا ، ثم دخل بها على عبد الملك بن مروان فتزوج بها وكان من أمرها ما كان .. من كتاب المستطرف في كل فن مستظرف لشهاب الدين الأبشيهي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق