ألف
ليلة وليلة ، لكورساكوف
نبتة من عهد القياصرة
لا أدرى إن كان بوسع أحدكم أن يستقطع قرابة
الـ 45 دقيقة من إحدى أماسيه العديدة هي عمر المعزوفة ، ليعيد ضبط (إعداداته) إلى
صورتها الأولية ، فيتقمص دور طائر بحري لم تلامس قدماه اليابسة قط ، لا أدري أيضاً
إن كان أحد مهتم أصلاً بإعادة التعرف إلى حواسه ، ليوقن من بعد ذلك ، أن
للأذن وظيفة أخرى غير السمع ، وأن العين تعمل إلى ما هو أبعد من حدود الرؤية .
إن هيئاتكم وإن بدت صارمة ، وقسماتكم وإن
أسفرت عن شاكلة جادة ، لن يكون بوسعها أن تخفي الجمال المركوم تحتها ، ولا هذه
الخمريات المتناثرة ما بين لحم وعظم ، وكتلك التي تشققت
فخرج منها الماء ، كذلك هي منابت الروح ، إن هيأت لها سبيلاً - بعد طول خمول واختباء - للإطلالة على العالم من جديد .. فقط يود أحدنا لو مُنح فرصة واحدة ربما ، ليستكشف بنفسه أن المجهول من
عالمه الخاص ، أكبر بكثير من المعلوم لديه ، أزعم أن هذه المعزوفة ستؤمن جزء لا بأس به من هذا الجانب ، فلقد جربتها مراراً ، ولم تخيب رجائي ولو لمرة ، وكونك قد إكتشفت ، أو حتى كنت على وشك أن تكتشف زوايا جديدة في شخصيتك ، فإن هذا لا يعني بحال ، أن أمورك ستسير نحو الأفضل ، غاية الأمر ، أن بداخلك ما يصح البناء عليه ، أو الإنطلاق منه ، أو الإستئناس به على أقل تقدير في هكذا أمسيات .
لزم التنبيه .. أن يا حبذا لو إستمعت لهذه السيمفونية منفرداً ، بالنظر إلى الحالة
التي قد تتلبسك ، وتجعل منك محلاً لإستغراب المحيطين بك ، ذلك أنه من
المؤكد أن القلق سيساورهم بشأنك إن سمعوا دبيب قدميك ، أو عاينوا تلويح يديك ، ولربما
بلغ القلق منهم مبلغه ، إن رأوك وقد إنخرطت محاكياً قائد الأوركسترا السيمفوني ،
الذي بدا وكأن مس من الجنون قد أصابه ، بينما يقود بإقتدار لافت جموع العازفين على
مختلف آلاتهم الموسيقية في نسق بديع ، لامس حد الخيال ، لذا .. عليك الإنتباه ،
فلست أنا أو أنت ، في حاجة إلى أن نُعطي الغير ، أدلة أو شواهد جديدة ، على تقدمنا
في العمر ، وإذا
وجدت نفسك بعد سماعك المعزوفة ، على ذات الهيئة التي كنت عليها قبل سماعها ، فأنا
أتقدم لك بالإعتذار مقدماً ، أن قد مررتُ المقالة من تحت عينيك بطريق الخطاً !
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق