- رويداَ يا نفسي رويداً
- فما أنكرت صحبتك
- وما مللت رفقتك
- ولكنني يا أنا إمرؤ يختنق
- وما لي ألا أختنق ؟
- فقد أضحى المد الأخضر منحسر
- وما عادت المياه صافية .. وأصبح الهواء ملوثاً
- وأمست النفوس في كدر
- وباتت العقول في ُشُغل
- فالأمن ُمفتقد والأمل ُمختلق
- وبين هذا وذاك أحيي ..أجيبيني يا نفسي ألم يُخلق الإنسان في كبد ؟
*****
- ألواننا تبدلت
- أمزجتنا تفرقت
- طموحاتنا تبعثرت
- سُحبنا السوداء في إزدياد
- وإبتساماتنا المهدورة في إضطراد
- غدا الأمس حاضرنا فيه نحيى ونأسى
- وبات الغد بوجله موعد لنا
*****
- ولما سئمت الضجيج
- ضجيج الأصوات وضجيج المشاعر آويت إليك يا نفسي
- وقد كنت أنتِ على الموعد كعادتك
- أوسعتِ ليً عندكِ مكاناً
- ومهدت ليً ُفرشاً وبساطاً
- هدأتِ من روعي
- وأسكنتِ من غضبي
- وجففتِ من عرقي
- وأعدتِ إلي إبتساماتٍ ضنينة بتذكيرك إياي بواقعات من غابرات الأيام
- ولكن لطفاً لا تحاولين العبث بوتر الذاكرة المرهقة والعقل المنهك
- فما عادت الذاكرة ذاكرتي ، ولا بات العقل عقلي
- أتعجبين ! .. لا .. لا تفعلين .. فإنه منطق السنين
*****
- ولكن دعينا الآن من رائحة الماضي .. هل أبوح لك بسر ؟
- أتعلمين .. لقد وددت دوماً أن أراكِ
- أعلم أنكِ كائن لطيف لا يُدرك بأي طريق
- ولكن دعيني أسألك .. هل تشبهينني ؟
- هل تتمتعين بنفس قامتي ؟
- ألك صوت أم أنك تكتفين بالوحي والإلقاء في الروع ؟
- هل تنامين .. أم تكتفين بدور المراقب اليقظ ؟
- هل أنت قانعة بصحبتي ؟
- بالمناسبة .. لقد سمعت أحدهم مرة يهتف بإسمي ولما إلتفت ولم أر أحداً من حولي ظننت أنه أنتِ
- أكنتِ أنت حقاً ؟
- فلما تمارسين إذن شغبك الجميل معي ؟
- أكاد أراك الآن تبتسمين
- أم تراك مني تسخرين ؟
- أعلم طيبتك ولولا هذا ما ألفت عشرتك
*****
- وطالما قدر لنا أن نكون صديقين
- فما رأيك ِ أن نتعاهد معاً على حفظ السر والوفاء بالبر؟
- فعليكِ تجاهي عهود ، وعليً قبلكِ حدود .. أتوافقين ؟
- حسناً، فأما عهودك قبلي أن ُتنشطين عقلي بخضرة نضرة وذكريات عطرة
- وأن تعيدين على مسامعي تظاهرة الطيور وزحامها الجميل عند إلتقاط الحَب والبذور
- ويا حبذا لو تقومين بعزف بديع لتساقط المطر على المروج
- وصوت تعانق أوراق الشجر إذا ما هبت من الرياح نسائـمُ
- وأما حدودي قبلك فلا أنزعن عن رأي لكِ سديد
- ولا أوردك مورداً له تكرهين
- صامتة هي هذه الصداقة .. أعلم ذلك .. ولكنها ملىء بكل صخب الأصدقاء وعبثهم
- هل أتخذُكِ بدلاً عنهم خليلاً ؟
- هذا ما أجدني مدفوعاً إلى قوله
- فلن أجد من دونكِ وفياً مخلصاً ولا لعثراتي مقيلاً
- فما أروع صداقتك وطيب معشرك