2015/04/30

يا عمال العالم .. تهذبوا !!


 

 بقلم : ياسر حجاج

يحتفل العالم غداً بعيد العمال ، فمنذ قرن وبضع عشرات من السنوات ، جرى ترسيخ فكرة إعتبار الأول من مايو من كل عام كيوم عالمي للعمال ، تخليداً لذكرى كفاح العديد من القيادات العمالية حول العالم ، من أجل ضمان حقوق العمال التي تتمثل في وضع حد أقصى لساعات العمل ، وحد أدني للأجور ، فضلاً عن توفير متطلبات الرعاية الصحية بوحدات العمل والإنتاج ، إضافة إلى الحق في الحصول على يوم راحة في الأسبوع على الأقل ، هذه الطلبات التي وجدت أخيرا طريقها بعد عناء وصبر طويلين ، إلى التشريعات الداخلية للبلدان ، فضلاً عن بعض المواثيق الدولية ذات الصلة .


 في ذاك الزمان لم يكن من الميسور بأي حال أن يرفع عامل عقيرته بالصراخ في وجه رب العمل للمناداة بحق له أو لأحد أقرانه من العمال ، ولم تكن النقابات العمالية قد نضجت فكرتها ، كان العمال في الواقع ينسحقون تحت عجلة الدوران السريع للألات في بداية حقبة الثورة الصناعية في أوروبا وأمريكا ، حيث كانت المآسي الإنسانية والإجتماعية أكبر شاهد على توحش أرباب الأعمال في مواجهة هذه الطبقة الكسيرة الأسيفة التي يخشى أحد أفرادها أن يعود إلى بيته مساءاً حاملاً خبر إنهاء خدمته ، بدلاً من حمل بعض أرغفة الخبز وقليل من الزبد إلى زوجته وأولاده .

 لقد كانت الثورة الصناعية آنفة الذكر ، ليست ثورة هائلة فحسب في الدفع بالآلات الحديثة ، وغزارة الإنتاج وتوفير الكثير من الوقت والجهد ، بقدر ما كانت (ثورة مضادة) في ذات الوقت لكل قيمة إنسانية أو إجتماعية أو حتى إقتصادية ، حيث إرتفع شأن الآلة ، وهُمش شأن الإنسان ، الذي أُطيح بحقه في العمل والكسب ، فآلة واحدة صماء كفيلة بإحالة العشرات من العمال إلى سجلات العاطلين عن العمل .

 

 سيظل عالقاً في ذهني كثيراً ، تلك الصورة المحفورة بالدم والعرق والدهشة ، عندما وقف أحد أصحاب المصانع في أوروبا أمام إحدى آلات مصنعه التي أتت لتوها من الميناء ، وبكرش منتفخ ، وشارب كثيف غير مشذب ، كان الإعجاب مستولياً عليه بالكلية ، وهو يدور ويدور حول هذه الآلة ، وفي زاوية الصورة كان هناك جمع من العمال المنهكين وقد إصطفوا أمام صاحب العمل ، الذي كان يرمقهم من طرف خفي ، فلقد كان على وشك أن يطيح بهم جميعاً إلا واحداً منهم فحسب ، حيث إبتدرهم قائلاً :-

  • أيها الأعزاء .. لعلكم تطالعون آلتنا الجديدة الآن ، في الحقيقة أن المامول منها أنها ستؤدي عمل عشرة منكم على الأقل دون تبرم ، ودون حتى أن تطالبني ، بمقابل عن ساعات عملها الإضافية ، وإنني لست في حاجة إلإ لمن يتولى تشغيلها وصيانتها ، فتخيروا لأنفسكم ، علماً بأن الأجور التي كنتم تقتضوها مني مسبقاً ، لن يكون بوسعي أداؤها لكم اليوم ، ولأكن صريحاً أكثر معكم ، فلن أدفع لكم في الواقع أية أجور نقدية كما كنت أفعل معكم من قبل ، فالأجور من اليوم ستكون عينية متمثلة في بعض الأطعمة والتي أراها كافية لسد رمقكم وأهليكم .

أُسقط في يد العمال ، وعلت الدهشة الممزوجة بالدمع المكتوم محياهم ، وتجمد العرق أو كاد فوق جباهم ، فلقد إستوعبوا جفاء الرسالة التي نزلت عليهم كقدر محتوم ، ودارت في أخيلتهم كل المشاهد والصور القاتمة عن المستقبل الذي قد ينتظره كل منهم ، هنا تأتي صورة الزوجة المكدودة ، ومشهد الأطفال الجياع التواقين لبعض جرعات الحليب ، اجرة المسكن الرث الذي يقطن فيه كل منهم ، كانت الخيارات جد محدودة ، والمناورة ليست لها محل من أي إعراب .

تشجع أحدهم ، وبصوت متهدج ، قال :-
  •  سيدي .. بوسعي العمل لقاء خمس أرغفة من الخبز ، ونصف رطل من الدهن ، و......
قبل أن ينهي حديثه ، بادره صاحب العمل :-
  • أيها العزيز .. هذا فوق طاقتي ، أتدري أن هذه الآلة الجديدة سيتطلب تشغيلها الكثير من الوقود والشحم ؟ .
عامل آخر كان اكثر واقعية ربما من زميله :-
  •  سيدي .. يسعدني العمل لقاء الأرغفة الخمسة فحسب ، فسارع رب العمل ، ودون حتى ان ينظر إليه :-
  •  فليكن .
*****

الآن أعزائي ، تغير الزمن كثيراً ، فقد عرفت التشريعات الحديثة ، قوانين خاصة بالعمال ، تضمن كفالة أجورهم ، وتاميناً صحياً معقولاً لهم ، وإلزام صاحب العمل بتعويضهم عن الإصابات التي قد تحدث لهم أثناء العمل أو بسببه ، وغيرها كثير ، وبتدافع الأيام ، خطى العمال خطوات أخرى مهمة ، تمثلت بالحق في الإشتراك في إدارة المنشآت ، بواسطة نمثيل أحدهم أو بعضهم كاعضاء بمجالس الإدارات ،  فضلاً عن حقهم في الحصول على نسبة من الأرباح الصافية للمنشأة ، والإنفراد بإعداد اللوائح المنظمة للعمل .

رويداً .. رويداً ، ركن بعض العمال إلى التشريعات التي تصون حقوقهم ، فتغولوا حتى على حقوق أرباب العمل ، وذلك بالتلويح بالإضراب الكلي او الجزئي  ، أو الإعتصام بمقار الأعمال ، وتحريض النقابات العمالية والصحافة والإعلام على رب العمل ، إلى الحد الذي قد يدفعه إلى التفكير في تصفية نشاطه ، أو الرضوخ إلى مطالبهم ، حتى وإن بدت غير قانونية أو منطقية ، وإلا فما المنطق الذي يدفع بعض العمال إلى الدعوة إلى الإضراب بزعم عدم صرف أرباحهم السنوية المعتادة ، على الرغم من تحقيق المنشأة خسائر بالملايين مثلاً ؟ هذا ما يحدث في مصر ، حيث بات متوسط مقدار ما يؤديه العامل فعلياً لا يتجاوز العشرون دقيقة يومياً من ساعات عمله المقررة ، حسب التقارير الصادرة في هذا الشأن ، لعلها أعزائي ديكتاتورية البروليتاريا كما أسمها كارس ماركس ، وإن تكن بأزياء حديثة هذه المرة .

أخيراً .. كل عام والعمال بخير ، وقبلة حارة على يد المجدون منهم والمكافحون والشرفاء ، الحالمون ببلدة ناهضة أينما كانت ، الباحثون عن رزق حلال لهم ولذويهم ، تحية وإجلال كبيرين لعرقكم النازف من جباهكم الشريفة، وأقول أن مقولة (يا عمال العمال .. إتحدوا) آن لها أن تنزل منزلتها الحقيقية ، فالإتحاد من أجل الإضراب غير القانوني ، وتوقف وسائل الإنتاج بلا مسوغ ، وتخريب المنشآت ، لهو حري بقطاع الطرق أو الأفاكون ، الذين تنكبوا الطريق ، وساروا على غير هدىً أو برهان مبين ، مستغلين في ذلك أزمة بلد ، وطقس سياسي مسموم .

2015/04/28

رسالة إلى القمر الصناعي المصري !

مستشار عدلي منصور العلمي السابق بعد انتقاد "جهاز الكفتة" يسخر من "خبراء" بضياع قمر صناعي مصري


يقلم : ياسر حجاج 

عزيزي / إيجيبت ســـــات 2
تحية أرضية ، وسلاماً غاية في المحلية

يطيب لي أن أهئنكم بعيد ميلاد إنطلاقتكم الأولى والأخيرة إلى الفضاء الذي صادف 16 إبريل من العام الماضي ، لكن ما يدهشني حقاً يا عزيزي أنك إخترت الإحتفال بيوم ميلادك هذا العام بشق عصا الطاعة ، والتمرد على أوامر التوجيه الصادرة لك من الهيئة القومية للإستشعار عن بعد ببلدنا المحروسة .. مصر .

فما الذي دهاك ؟
بل من تراه أغضبك ؟
وهل حقاً ضعت في الفضاء ؟
أم أن أحدهم هناك قد إستمالك ؟
أم أنك أخيراً ربما أدركت أن التسكع الفضائي ، والسباحة في اللا نهائية ، أفضل من إطاعة أوامر ثلة من الموظفين بليدي الإحساس ، عديمي المسئولية ؟ .

أياً ما كان مبررك ، فإنه غير مقبول مقدماً ، فما ذاك العهد بك ، ولا المأمول منك ، أهكذا يكون حسن الصحبة والرفقة مع نفر لم يبخلوا عليك بأموال ضرائبهم ، وقوت عيالهم ليجعلوا منك درة فضائية مضيئة ؟ يا لعقوقك ! هل أنت سعيد الآن بضياع أموالنا في عتمة الغبار الكوني الحار ، وهل ترتضي أن نصبح هكذا مثاراً لسخرية الآولين والآخرين ؟ .

*****

أدرت لنا ظهرك كأننا لا شئ ، هل حقاً نحن لا شئ ؟
إجابتك الصامتة تقتلنا .
لا تقلها أرجوك .. إكتمها .. أو تجاهلها .
تباً لنا .. نسئلك ونحن المحبطون بالإجابة !

هل يطول صمتك ؟
علمتنا أن الصمت صراخ في وجه الفشلة والأدعياء .
علمتنا أن الصمت أحياناً ، بلاغة موحية لأولي الألباب .
علمتنا أن الصمت يفك كل الشفرات ويحل ألغاز المعادلات .
لا أدري إن كنت تفهمني .
بل لا أدري حتى إن كنت تسمعني .
على كل حال .. فقد إخترت العدمية .
وتركتنا من وراءك متردون فى الآدمية .
فهنيـئاً لك .. الحرية .. كل الحرية .

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة