2015/04/23

هزيمة رئيس !!



بقلم : ياسر حجاج
مرة أخرى ، وليست أخيرة فيما يبدو ، إنتصر الكهان ومانحو الصكوك ، في إيقاف برنامح الباحث الشاب / إسلام البحيري (مع إسلام) ، على قناة القاهرة والناس ، التي أصدرت بياناً من ضمن ما جاء به ، أن القناة لا تشجع المناظرات أو حتى البرامج التى تفرق بين المسلم وأخيه المسلم ، واستجابة للإمام الأكبر للأزهر الشريف فى تحكيم العقل ، حيث أكدت القناة أنه من الأفضل أن تدع علماء الدين وعقول الأمة المستنيرة هى التى تتصدى لقضية تجديد الخطاب الدينى بعيدا عن الإعلام المرئى، الذى يسعى بطبيعته ، إلى الإثارة والجدل حفاظاً على وجه الإسلام الصحيح ! .

 *****
هذا بيان أقل ما يُوصف به أنه تلفيقي بإمتياز ، ومراوغ حد الصدمة ، به من الميوعة والخنوثة الشئ الكثير ، وذلك - على أي حال - شأن أي تبرير هزيل عبر التاريخ ، وشأن أي عنوان تقليدي سقيم ، يتم إستدعاؤه على عجل ، كلما دعت الحاجة إلى إسكات صوت ، أو الحد من سطوع ضوء يُراد له أن لا يقع على مخازي القوم وإسفافهم وخيالهم البليد .
إذن .. فقد إنتصر الأزهر وأشياخه ، وغيرهم من السلفيين ، من أصحاب (النطاعة الفكرية) ، في معركة - بالتأكيد - سيكونون هم - وليس غيرهم - الخاسر الأكبر فيها ، ولو بعد حين .

هذا ليس نهاية المطاف ، ولعلها بدايته ، وليكف الرئيس المصري / عبد الفتاح السيسي ، عن دعواته المتكررة إلى تجديد الخطاب الديني ، وإحداث ثورة دينية حقيقية بشأنه ، فهاهي دعوتك فخامة الرئيس قد مُرغت بالتراب ، حيث أعاد لك سدنة الخطاب الديني هذه الدعوة ، وردوها على وجهك بكل صفاقة ، مع عنوان بسيط يحمل عبارة ( عذراً فخامة الرئيس ... برجاء المحاولة في وقت لاحق ) !! .

إن الرئيس المصري بدا متململاً أخيراً من كثرة مناداته بتغيير الخطاب الديني ، وإحداث ثورة دينية حقيقية إزاء التفسيرات والإجتهادات ، والقراءات التقليدية القديمة لبعض من أصول ومنابع الدين ، والتي ساهمت إلى حد كبير في (طبع) صورة سلبية تماماً عن الدين في أذهان غير المسلمين عبر العالم ، ناهيكم عن قطاع غير قليل من المسلمين الذي بدأ (بحك) رأسه ، في محاولة للفهم ، وفك الإلتباسات العديدة ، والأحاجي الغامضة ، ولكن دون جدوى ، وبدا الرجل من كثرة مناشداته ، وكأنه فقد القدرة على إدارة المسألة ، أو الدفع بها إلى مسار أكثر إيجابية ، متحسباً في ذلك - ربما - دعاوى وأباطيل وتهم ، يتم الدفع بها غالباً في هكذا أحوال ، وإذا كان الرئيس يشعر بغصة أو إحباط جراء التفاعل السلبي مع دعوته ، فهذا - على كل حال - شأن كل من أراد حفظ البلاد والعباد ، فأناط الأمر بالمارقين من سلطان العقل، والهاربين من شرطة التاريخ  .

*****
 يستمد كل دين سماوي قوته المعنوية ، ليس من خلال أتباعه والمؤمنين به فحسب ، ولكن من قدرته الذاتية على الإستمرار والصمود ، بما يحمله من معايير أخلاقية سامية ، ورؤىً إنسانية عميقة ، وتكاليف ربانية جرى الأمر بها ، والحض على إتباعها من الله رب العالمين ، لما سبق في علمه سبحانه من أن هذه (التكاليف) ، لا يمكن أن تناقض أخلاقاً ، ولا أن تصطدم مع الفطرة الإنسانية بأي حال من الأحوال .

إن رجال الدين الذين لا يصمدون أمام رؤى مختلفة ، وتضيق صدورهم حرجاً بالإجتهادات المتنوعة ، والأراء الجديدة والتي لا تتناقض لا مع جوهر المعتقد ، ولا مع سلامة الفطرة ، هم في الحقيقة رجال يصعب بالتأكيد الدفاع عنهم ، أو إيجاد العذر الملائم لمواقفهم المدافعة بإستماتة عن كل ما هو قديم وعتيق ، لاسيما إذا كان محل دفاعهم ، ليس سوى إجتهادات أيضاً سبقنا إليها نفر من المسلمين ، يجري عليهم ما يجري على سائر البشر من الصواب والخطأ ، والغفلة والنسيان ، بل والطيش والجموح أحياناً .
*****
 إن وقف برنامج الباحث / إسلام بحيري ، ليس سوى (حلقة) ، سبقتها ، وستتلوها حلقات ، فالجهل سلسلة لها إبتداء دون إنتهاء ، ومن الضروري التأكيد في الختام على أن المؤسسات الدينية في مصر ، ومن بينها الأزهر الشريف في حاجة ماسة إلى إدراك حقيقة مفادها ، أن ليس كل قديم عريق ، وليس كل جديد بهيج ، فالحاكم بينهما ليس سوى العقل والإستدلال المنضبط والقراءات الواعية للنصوص ، وإلا فبوسعي القول وفق (قاعدة القدم والتاريخ) ، أن الأزهر بمعاهده ورجاله يتعين تبعيتهم إلى الهيئة العامة للآثار .

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة