2015/05/28

حفلة 6 !


بقلم : ياسر حجاج

- سألنى أحدهم عندما بلغت الخمـــسينً .. كم عمرك ؟
- مبتسماً وبغير تردد .. خمس وعشرون سنة عشتها
، غير أني لم أحيا سوى خمس وعشـــــرون أخرى !

من الأمور التي كنت حريصاً على تحديدها بشكل جاد منذ وقت مبكر نوعاً ما ، هو التفرقة ما بين العيش والحياة ، إذ يختلط الأمر على بعضنا أحياناً ، فيما يخص هذين المفهومين ، حيث يجري تناولهما بحسبانهما شيئاً واحداً تقريباً ، أو مترادفين لمعنىً واحد ، ذلك أن عيشك ، هو جدك وسعيك وكسبك لنفسك ومن تعول ، أما حياتك فهي نفسك وروحك ومرحك ، وتفريعاً على ما تقدم ، نقوم بتقسيم اليوم إلى قسمين متساويين ، نصف الأول للعيش ، ونصفه الآخر للحياة ، والتفرقة التي أعنيها ليست بالتأكيد تلك القسمة الجامدة ما بين توقيتين في يوم واحد ، وإنما هي قسمة ما بين الجد والمرح ،  الحياة عندي بالمناسبة ، تبدأ في السادسة مساءاً حتى مطلع الفجر ... يا مساء الأنوار ! .

ما المساء إذن ؟
أحد الأضياف خفيفي الظل ، السامر الذي يقرع أبوابنا ، كلما رأى الشمس تلملم وهجها إلى ما وراء الأفق ، أنيس أنيق ينضم لجوقة رفقتنا النبيلة .. كتبنا ، قصاصاتنا ، قهوتنا ، وحتى سجائرنا ، فالمساء يعطينا أكثر من مجرد إشارة إلى هبوط الليل ، فهو ينبهنا أن أشباح النهار قد توارت ، وأن أطيافه هو على وشك أن تُسفر عن وجهها بكل دلال ، وعلينا بالتالي الإستعداد لأن نكون صحبة السكون العاصف ، الذي يُؤذن ببدء المغامرات الخطرة ، حيث تستأذن الأمطار الموسمية ببدء الهطول .

لذاكرة المساء .. إثارة لا تُقاوم ، وشهوة لا تصل بك أو معك إلى حد الإشباع أبداً ، دائماً ما تجعلك تلهث وراءها للإستزادة ، فتعطيك طرف من خيط ، أو شعاع دقيق متسرب من خلال نافذة مشروخة ، فقط لتذكرك أنها كانت هناك ، شاهدة يوماً ما ، على الألق والأرق ، على المناديل المعطرة المهداة ، وتلك الجوارب الناعمة التي تجاوزت حدود الساق بكثير ، على الإبتسامات ، ونوبات السهارى تحت أعمدة الإنارة .


إن فاتك الأول .. فالمساء .. ضمير ثان .




2015/05/25

ألف ليلة وليلة

بقلم : ياسر حجاج
      
ألف ليلة وليلة ، لكورساكوف
نبتة من عهد القياصرة 


لا أدرى إن كان بوسع أحدكم أن يستقطع قرابة الـ 45 دقيقة من إحدى أماسيه العديدة هي عمر المعزوفة ، ليعيد ضبط (إعداداته) إلى صورتها الأولية ، فيتقمص دور طائر بحري لم تلامس قدماه اليابسة قط ، لا أدري أيضاً إن كان أحد مهتم أصلاً بإعادة التعرف إلى حواسه ، ليوقن من بعد ذلك ، أن للأذن وظيفة أخرى غير السمع ، وأن العين تعمل إلى ما هو أبعد من حدود الرؤية .

إن هيئاتكم وإن بدت صارمة ، وقسماتكم وإن أسفرت عن شاكلة جادة ، لن يكون بوسعها أن تخفي الجمال المركوم تحتها ، ولا هذه الخمريات المتناثرة ما بين لحم وعظم ، وكتلك التي تشققت فخرج منها الماء ، كذلك هي منابت الروح ، إن هيأت لها سبيلاً - بعد طول خمول واختباء - للإطلالة على العالم من جديد .. فقط يود أحدنا لو مُنح فرصة واحدة ربما ، ليستكشف بنفسه أن المجهول من عالمه الخاص ، أكبر بكثير من المعلوم لديه ، أزعم أن هذه المعزوفة ستؤمن جزء لا بأس به من هذا الجانب ، فلقد جربتها مراراً ، ولم تخيب رجائي ولو لمرة ، وكونك قد إكتشفت ، أو حتى كنت على وشك أن تكتشف زوايا جديدة في شخصيتك ، فإن هذا لا يعني بحال ، أن أمورك ستسير نحو الأفضل ، غاية الأمر ، أن بداخلك ما يصح البناء عليه ، أو الإنطلاق منه ، أو الإستئناس به على أقل تقدير في هكذا أمسيات .

لزم التنبيه .. أن يا حبذا لو إستمعت لهذه السيمفونية منفرداً ، بالنظر إلى الحالة التي قد تتلبسك ، وتجعل منك محلاً لإستغراب المحيطين بك ، ذلك أنه من المؤكد أن القلق سيساورهم بشأنك إن سمعوا دبيب قدميك ، أو عاينوا تلويح يديك ، ولربما بلغ القلق منهم مبلغه ، إن رأوك وقد إنخرطت محاكياً قائد الأوركسترا السيمفوني ، الذي بدا وكأن مس من الجنون قد أصابه ، بينما يقود بإقتدار لافت جموع العازفين على مختلف آلاتهم الموسيقية في نسق بديع ، لامس حد الخيال ، لذا .. عليك الإنتباه ، فلست أنا أو أنت ، في حاجة إلى أن نُعطي الغير ، أدلة أو شواهد جديدة ، على تقدمنا في العمر ، وإذا وجدت نفسك بعد سماعك المعزوفة ، على ذات الهيئة التي كنت عليها قبل سماعها ، فأنا أتقدم لك بالإعتذار مقدماً ، أن قد مررتُ المقالة من تحت عينيك بطريق الخطاً ! .

2015/05/21

تخوم الذاكرة !

 نتيجة بحث الصور عن الذكريات
بقلم : ياسر حجاج
دفقة مطر قصيرة كانت أكثر من كافية ، ليعمل السلم الموسيقى بكامل طاقته ، لتبدأ بعدها أماسي المرح ، دفعة من هواء لطيف عبر نافذة مواربة ، كانت تفي بالغرض لتحيل الستائر المرتعشة إلى راقصات باليه على أنغام سيمفونية ألف ليلة وليلة لريمسكي كورساكوف ، أما وقد إنقطع التيار الآن ، فالترحيب بات لازماً بالكائنات الشفافة السابحة في فضاء المكان ، تبدأ الآن جلسات نقاش أحادية بين الصوت والصدى ، والرهبة المحفوفة بالرجاء ، على ضوء كشاف إضاءة باهت تبرز قصاصة عتيقة في إحدى زوايا المكان ،  مدون عليها : أن أحد أحفاد فيكتور هوجو أديب فرنسا الأشهر دخل عليه ذات يوم فوجد خادمة المنزل بين أحضانه ، وإذا بالحيرة التي إنتابت الحفيد ، تبددها كلمات الأديب الكبير ( أي بني .. هذه هي العبقرية !! ) ، ومع إيحاءات المعنى ، والصورة السينمائية للمشهد يعود التيار ، فينشط عمل الأحداق ، وتعود الخلايا للتكاثر من جديد .

هذه المرة مع أحدث إعلانات مستحضرات التجميل ، حيث أحمر الشفاه المجرب على شفاه الباريسيات الفاتنات ، وذاك العطر الذي يعبق المكان عبر شاشة تلفاز عتيق ، كوب من الشاي الدافئ على عجل الآن ، فلم نلج بعد عصر القهوة التركية ، مع سيجارة مختلسة من علبة دخان الوالد ، تغدو المشاهد في غاية الإثارة .

قربت الأيام السوداء .. لما لا نكب على كتبنا الدراسية الآن ؟ تباً للكمياء والفيزياء والأحياء ، حبذا لو غاص مدرسو هذه المواد في محاليل حارقة فتتآكل لحومهم وعظامهم ، وليذهبوا إلى الجحيم بأنفاسهم التي تفوح منها رائحة الكلور ، كان جاليليو إستثناءاً بحق ، ألم يقل أن الله صاغ الكون بلغة الرياضيات ؟ .

كانت غابات السافانا أهم من أي نظرية علمية ، مشروب الكوكاكولا أكثر فائدة من إكتشاف البنسلين  ، لما لا نجرب خلط الفلفل الأسود بالشاي ، الشقيق الأصغر على وشك أن يعاين الآن تجربة القئ عن قرب ، وعلى دراجة منزلية ذات عجلات ثلاث ، أصدر فرعون الأمر لخدم المكان أن يحملوه عليها جيئة وذهاباً بطول المكان وعرضه ، كانت العصا حاضرة ، وبصوت يتردد لمن يتردد ( العصا لمن عصى ) ، على وقع صراخ الضحكات كانت الأجساد المذعورة تتحاشى أن تكون فى مرمى العقاب ، لا أجمل من أن يكون أحدنا هو الإبن الأكبر ، ليتقاسم مع الوالدين بسط السيطرة والنفوذ .

حدث كبير .. قامت الأم بتركيب قفل لباب الثلاجة لقطع الطريق على الفضوليين ، فليكن .. عود معدني بسيط سيعالج الأمر على أحسن ما يُرام ، باتت الفرصة مواتية الآن لإلتهام المزيد من الزبد الذي أتى لتوه من الجدة المقيمة بالأرياف ، مع آخر لقمة ، سأخرج لساني ، لكل أولئك الأشرار المقيمين بالمنزل ، ستائر الردهة منسابة بأريحية ، ستعانق بعد قليل تسديدات صاروخية من أمهر من لامست الكرة قدميه ، وسط هتاف المشجعين ، يغدو التواضع مطلباً ضروريا ، سأكتفي برفع شارة النصر ، بينما العيون الخجلة تعانق اللا شئ .

ولا أدك ميه يا أبو العين العسلية .. تنبعث من الجوار ، من تراها هذه التي تريد أن تقطع رهبة مطالعة إعلانات التعازي بجريدة الأهرام ؟ الكلمات المتقاطعة بالجريدة كانت غاية في الصعوبة ، يبدو أن شرير آخر يعمل هناك ، يا الله .. لكم أكره الصحفيين !! .

زميلنا سعيد يحب زميلتنا صدف ، صدف تستلطف سعيد ، على عجل إجتماع لمجلس الأشرار من رفاق الشلة ، الخطة .. تشويه السمعة أو الإبتزاز ، صفحة ملخصة من مادة العلوم ، ستتحول إلى خطاب غرامي مختلق من أحدهما للآخر ، مع التهديد بتسليمه لمدرس المادة ، الهدف .. إستخلاص الفتاة الطيبة من حمى هذا المتأنق التافه ، معارك بالحجارة ، وأكياس الرمل الصغيرة ، نصب الأكمنة على أطراف الشوارع والحارات للغريم ، كانت النتيجة مبهرة ، أتت صدف صاغرة لتسليم مفتاح مدينتها ، وبكل نبل الفوارس يأبى الفاتح الجديد سوى أن يهديها قالب من الشيكولاته ، حصيلة مصروف يومين ، ثم يدعها وينصرف دون أن ينبس حتى بكلمة !! . 

2015/05/11

شاعرية العقد السادس



بقلم : ياسر حجاج
في سني أعمارنا الخضراء ، وعلي أسوار البراءة والعفوية ، نجلسُ مُطوحين أقدمنا في الهواء في حالة من اللهوِ البرئ ، ثم ترانا وقد أجلنا أبصارنا وخواطرنا فيمن يمرون أمامنا ، ممن يكبروننا سناً ، أو حتى يفوقننا قامة ، فنغيبً للحظات عن مشهدنا الطفولي الواقعي ، بالسياحة فيما وراء ما لم يأتِ بعد ،  وقد إستغرقنا في اللحظة المنتظرة ، التي نبلغ فيها مبلغ الكبار ، فنصرخ في وجه الجميع ، بدلاً من أن يصرخ في وجهنا الجميع كما الآن ، في هذه السن لا يعرف أحدنا دلالة الأيام ، ولا معنى تدافع السنين .

نكبر فنلامس مراحل الصبا ، فنتجاوزها بخفة إلى مرحلة الشباب ، فإننا شببنا ، تاقت نفوسنا إلى طور الرجولة ، فإن بلغناه ، طالعنا كتاب عن (أزمة منتصف العمر) أو حتى عن (ربيع الأعمار)  ، أي أنه وبدلاً من أن نتعايش مع كل مرحلة بلغناها بكل ما فيها ، ترانا وقد عدنا نلهو من جديد ، مُطوحين أيادينا هذه المرة ، وقد إستغرقنا مجدداً في المرحلة التي تليها ، وهكذا دواليك ، ففي كل مرة ، معايشتنا مؤجلة ، وفرحتنا مجمدة ، والمحصلة ليست سوى إنتظار طويل لموسم قطف الثمار ، الذي يبدو أنه لن ينضج أبداً ، الآن ربما نعرف لما كنا نفكر في مرحلة التقاعد ، على الرغم من أننا كنا لتونا قد إلتحقنا بسوق العمل .

تمادينا كثيراً في حرق المراحل ، واحدة بعد أخرى ، حتى وصلنا أخيراً إلى المرحلة التي لا تتلوها غالباً مرحلة جديدة على سلم الأعمار ، بل خط نهاية ، نرى معالمه من بعيد ، ولكنه كأوضح ما يكون ، ولعلنا قد أبصرنا أولئك الذين بلغوه ، ثم لم يعودوا ليحكوا لنا  تجارب المشاهدات ، وإنطباعات المعاينات ، وإزاء الغموض الكامن وراء خط النهاية ، فإننا نفعل كل شئ لنظل على بعد مناسب منه ، فلا شئ أخوف للنفس من أن تترك قرص الشمس ، لتستظل ببقعة رمادية .

قبل ذلك قد ننتبه ، فتحدثنا نفوسنا المرحة ، بأنه سيغدو من الجميل لو تجاوزنا الواقع ، وتمردنا على المراحل بكل أشكالها النمطية التي يُراد لنا أن نكون جزءاً منها ، فنمسك ريشتنا ، ونرسم بأنفسنا العالم الذي طالما أحببناه فلم نجده ، والناس الذين وددنا لو قابلناهم ، فلم يُتح لنا إلى ذلك سبيلاً  ، فنبتدع عوالمنا ، شخوصنا ، وكل مرئياتنا ، حيث ممارسة الفصام الإرادي بكل معنى الكلمة ، حيث مجاوزة اللحظة الآنية ، والقفز إلى فضاء الدهشة .

وعلى صدى الوجيب الذي يضرب أفئدتنا ،  قد نتوقف ونسأل أنفسنا .. ما المراحل ، بل ما الأعمار ؟ شخصياً لا تهمني أية إجابة قاطعة ، ربما هي رقم في دفتر ، أو منبه باهت يُذكرنا بعيد ميلاد ، وهدايا تأتينا مهنئة إيانا بأننا مازلنا على قيد الحياة ، وأن لقب (المرحوم) ضل طريقه إلينا هذه المرة ، ولأنه ليس لدينا خطط عملية واضحة ، فإننا في الغالب سنهيم في الزحام كما الجميع ، إنتظاراً لكارت أحمر يُرفع في وجوهنا ، فنخرج من ساحة عريضة ،  لم تُراع فيها قواعد وأخلاقيات اللعبة بالقدر المأمول .


صحيح أن بالحياة ، ما يستحق العيش من أجله ، لكننا أيضاً نقول في مواضع أخرى ، أن ليس بها تقريباً ما يدعونا إلى التشبث بها ، إلا بمقدار الشوط الذي نود أن نقطعه في تثيبت دعائم ، أو إزالة معوقات ، أو حتى إضافة بعض النكهات ، وإذا كنا نشعر ببعض الإمتعاض أو الإحباط ، فإننا غالباً ما نعمد إلى خلق حالة من الترضية لأنفسنا ، مفادها أن من سيخلفوننا سيعملون بجد على تقدير ما كان من مسعانا وإجتهادنا ، كل على طريقته ، المشكلة أننا لن نكون هناك ، لنبدي لأحدهم أو إحداهن بعض الإمتنان .

غالباً لن تعطينا الحياة فرصاً جديدة للتجريب ، ولن يكون في وسعنا كل مرة ممارسة فن الإسترخاء عن بعد ، وكوننا قد أحرقنا مراحلنا السابقة ، بالتأبي على معايشتها ، والتمرد على الإنخراط الواقعي بها ، فإن هذا ليس نهاية المطاف ، فبوسعنا خلق مرحلة جديدة ، لعلها الأهم في المسيرة الشخصية لكل منا ، الا وهي المرحلة الشاعرية ، حيث الإطلالة النقية والصادقة ، وربما الأخيرة على العالم بكل ما فيه ، وأياً ما كان العمر الذي بلغنا ، أو التوفيق الذي صادفنا ، فإن شاعريتنا وحدها ستكون كفيلة بضبط زوايا الرؤية ، وتحديد المسارات لنا ، وستعمل على مساعدتنا في لملمة تلك الأشياء الكثيرة التي سقطت من بين أيدينا ، عبر عقود قد خلت من أعمارنا ، فهي مكافأة نهاية الخدمة التي ستتيح المحافظة على قدر معقول من أسباب البقاء .

صحيح أن عجلة الزمن قد دارت بنا ، وضرب الشيب عوارضنا ، لكن لا بأس ، فقليل من الحناء الداكنة ستكون كفيلة بمعالجة الأمر . أما عن مرايانا .. هل تظهر لنا حقيقة ما ؟ ربما ، ولكنها تعكس ما نود نحن أن نراه . مازلنا شباباً .. أليس كذلك ؟ نعم .. نعم .. فربطات العنق الملونة لن تختفي ، وقناني العطر ستظل شاهدة على الألق ، وفناجين القهوة التركية سترسم من بعيد صورة جانبية للمشهد ، أما عن أقراص علاجنا ، فلما نُعرها أي إنتباه ؟ ألم نقل دوماً ، أنه لا أشر من المحامين سوى الأطباء ؟ .

الشاعرية ستقطع الطريق على حالة تململنا ، ولسوف تخبرنا أن لكل مرحلة عمرية طاقتها وحيويتها ، بل وجاذبيتها ، ومهما بدت اعمارنا متأخرة ، أو تراءت لنا وكأنها تلهث في أمتارها الأخيرة ، فلسوف تحفزنا هذه الشاعرية على خوض غمار تجارب جديدة ، ككتابة مذكراتنا مثلاً ، وسنتفاجئ حقاً بأن لدينا الكثير مما يستحق أن يُقال ، وبالتأكيد سنجد من لديه الإهتمام للإستماع أو القراءة ، حتى ولو من باب التسلية أو العزاء ، نستطيع أيضاً - وعوضاً عن كتابة المذكرات - الإكتفاء بدفتر يوميات صغير ، حيث الرصد الحي والأمين للمشاعر والحماقات ، فجميعنا يحب الثرثرة بكل تأكيد . 

الشاعرية بدرجاتها المتفاوتة ، ستعمل معك على إستنبات طاقات حيوية جديدة ، كإستقبال زوار وأضياف جدد ، حيث أحاديث السمر مع صنف لا يشبهنا ، ولا نشبهه ، فن الحوارات الصامتة الطويلة بلا عناء ، دجاجات تصيح ، أرانب وادعة شاهدة على صلف الآدميين ، زهور وزروع ، قصاري ورد بالشرفات ، كاسات ماء مزدانة بالنعناع ، لوحات زيتية مبهمة محنطة على جدار ، صفحة بيضاء بغرف مكاتبنا كُتب عليها (الآن .. الآن .. وليس غداً) .

2015/05/05

يوم مر آخر !


بقلم : ياسر حجاج
في اليوم العالمي للسمنة ، ترتفع معدلات الإصابة بالسكر وأمراض ضغط الدم ، وفي اليوم العالمي للمرآة ، تزداد نسب التحرش بالسيدات والفتيات ، وفي اليوم العالمي لمكافحة التدخين ، أقوم بإخراج لساني لمنظمة الصحة العالمية ، فلما عليًّ الآن أن أصدق أن اليوم العالمي لحرية الصحافة له أدني علاقة بالحرية أو الصحافة ؟ .

نعم .. فقد إحتفل العالم أول من أمس الموافق الثالث من مايو (بيوم مُر آخر) يسمونه اليوم العالمي لحرية الصحافة ، وهو تقليد ممل كحال الكثير من المناسبات العالمية ، وغيرها من الأيام ، والتي لسان حالها في أفضل الأحوال ليس سوى ( جئت لا أعلم من أين ، ولكني أتيت ، ولقد ابصرت طريقاً قدامي فمشيت ) .

ولأن هذه الإحتفالات ومثيلاتها ، يغلُب عليها الطابع الكرنفالي ، وإلتقاط صور السيلفي مع السيدات ذوات (التنانير) القصيرة ، فإنها في الغالب لا تخرج بشئ ذي بال ، إنما توصيات بائسة ، ومناشدات بلا مضمون تقريباً ، ناهيك عن بعض ورش العمل ، التي يجري خلالها تبادل أرقام الهواتف ، وعناوين البريد الإلكتروني للمشاركين بها ، مع وعد بالمتابعة والتنسيق ، إنما على صفحات تويتر والفيس بوك وإنستجرام ! .

في الواقع إنني لا أعلم تحديداً ، ما المقصود بحرية الصحافة ، ولا ماهية الخطوة التالية التي يُراد للعاملين في هذا الحقل أن يصلوا إليها بخلاف ما هو حادث الآن ، فالمتابع للصحافة المكتوبة والتليفزيونية والإلكترونية في المحروسة مثلاً ، يرى أن أفرادها بالمجمل قد بلغوا شأناً بعيداً على طريق حرية التعبير ، والذي جاوز في كثير من الأحيان حد الوقاحة ، ولا أعلم تحديداً لماذا يريد أحدهم أن يكون وقحاً أكثر ؟ .

إن القدر المتيقن منه في إطار حرية الصحافة ببلادنا ، يبدو لي أنه متاح بقدر زائد وفائض عن الحاجة أحياناً ، فحرية إصدار الصحف أسهل من شراء علبة سجائر ، والصحفيون يعملون بكامل حريتهم في الصحف ، وكذا وسائل الإعلام ( كمعدين ، ومقدمي برامج ، وأصحاب مداخلات ثقيلة الظل ) ، ويتنقلون بكل سلاسة وراحة ضمير من مدرسة صحفية إلى أخرى مغايرة ، ومن قناة فضائية إلى أخرى منافسة ، دون أن يطرف لهم جفن ، ودون أن يُعيروا أي إهتمام بعلامات التعجب والتساؤل المرسومة على محيا المشاهدين والمتابعين .

الصحافة جزء أصيل وكبير ضمن خارطة فساد الأوطان ، وبالتالي فإن محاولتنا البحث عن صحفيين شرفاء ، يحترمون أسنة أقلامهم ، لهم من الضمائر الحية والحقيقية ، ما يجعلك تثق في أراءهم ، وتقدر إجتهاداتهم ، هو أمر شاق للغاية ، شأنه في ذلك شأن من أراد أن يبحث عن عملة معدنية مفقودة في صحراء الربع الخالي ، ومع ذلك فإن هذا الصنف العف على قلته - ورغم كل شئ - موجود أيضاً ، وسيظل موجوداً ، ليكون شاهداً - ربما - على أن كثيراً من أهل البيت ، فضلوا الإعتصام بجبل يعصمهم من الماء ، بدلاً من الإلتجاء إلى سفينة النجاة .

إن نظرة عابرة على تجاذبات المعركة الإنتخابية التي جرت مؤخراً لإنتخاب نقيب جديد للصحفيين المصريين ، ستُظهر لك بجلاء ، مدى سطحية هؤلاء الذين يُراد لك أن تصدق أنهم فرسان الكلمة ، الأمناء على وعي الأمة ، قوى المجتمع الناعمة ، أما أولئك النفر من الصحفيين الحقيقيين ، فمغيبون عن المشهد ، كرهاً أو طوعاً ، فتوارى ألقهم وذكرهم ، إلا من خبر جانبي عارض ينعى رحيلهم ، ولربما معاناة أحدهم المرضية .

لا أعلم إن كان بوسع أحد أن يتبنى فكرة أن يكون هناك يوماً عالمياً موازياً لليوم العالمي لحرية الصحافة ، ويا حبذا لو أسموه (اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا الصحفيين) ، بالنظر إلى الشكاوى المتزايدة لبعض من قراء الصحف ، ومتابعي المواقع والبرامج الإخبارية والتحليلية ، من زيادة نسبة إصابتهم بالكولسترول ، مع إنخفاض ملحوظ لنسبة التستوستيرون في أجسامهم .

2015/05/03

ويسألونك عن المؤامرة !!

نتيجة بحث الصور عن المؤامرة

بقلم : ياسر حجاج
توجد المشكلات ، لأنه لابد لها أن توجد ، فمهما كانت درجة وعيك ، فإن المشاكل ستحدث في جميع الأحوال ، إما بسبب نزقك الشخصي ، وتفلتك غير المحسوب ، وإما بسبب أولئك الأفاكون الذي يعيشون معك أو من حولك ، أو لأنها سنن ممهورة بختم القدر .
وعلى حد علمي فإن المهارة الأساسية للإنسان تكمن في قدرته ، لا على منع حدوث المشاكل ، لأنها ستحدث رغماً عنه ، وإنما في قدرته على القراءة المبكرة لأثارها وتداعياتها ، فالحصار المبكر ، والمعالجات الناجزة ، هي وحدها القادرة ، لا على حل المشكلة ، وإنما على تحجيم أثارها وحصرها في أضيق الأمكنة ، حتى تعود فتنشط ، في وقت آخر ، ولربما مع أناس آخرين ، وبصور جديدة أحياناً .

تكبر المشكلة ، وتتفاقم أولاً بإنكارها ، ثم في مرحلة لاحقة بالإستهانة بها ، ثم التهوين من أثارها ، فإن باتت حقيقة قائمة بذاتها ، تأتي غالباً مرحلة التعايش معها ، فالإستسلام التام لها ، ومن بعدها تأتي الحقبة الأخيرة الخطيرة المؤذنة بالتماهي المتبادل فيما بينك وبينها ، لتصبحاً معاً كياناً واحداً وملتصقاً ، لا وجود لأحدكما دون صاحبه ، فتصير المشكلة أنت ، وأنت هو المشكلة ، بالمناسبة كثيرون منا لا يدركون هذه الحقيقة ، وإن أدركوها ، فإن آوان مجابهتها ، أحياناً يكون قد فات ، ولأن أحدهم (هنا أو هناك) عنيد ومكابر ، ويتأبى على الإقرار بالخطأ ، حتى بينه وبين نفسه ، تجده - عوضاً عن ذلك -  يقفز القفزة الأخطر في حياته ، والتي غالباً ما يصعب تدارك نتائجها النهائية ، عندما يصطنع - من تلقاء نفسه - أعداءً متربصون يُلقي عليهم تبعة كل إخفاقاته ، وليحملون عنه عبء كل رزاياه ، رويداً رويداً يتحول الإختلاق إلى واقع ، فحقيقة معاشة ومصدقة ، ليبدأ بعدها في (جهاده) المجيد ، وحربه (المقدسة) ضد طواحين الهواء ، التي تعد أطول حرب عرفتها البشرية وحتى الآن ! .

ولأننا تجاوزنا زمن الخرافة ، والميثولوجيا الأغريقية القديمة ، ومل الناس أو كادوا من الإنصات المتكرر لحواديت ألف ليلة وليلة ، فكان لابد من إصطناع كائنات خرافية بمذاقات جديدة ، ونكهات عصرية ، ولكن مع الإبقاء على عنصري التشويق والإثارة المحفورين بعمق في ذاكرتنا العربية منذ القدم ، فالكائنات الجديدة سيكون لها أذرع وسيقان عديدة أيضاً ، تنفث النار من فيها ، وتهدر بصوت يملأ الأفاق ، وقادرة في الوقت ذاته على التشكل ، والظهور والإختباء ، حسب الرغبة ، وكلما دعت الحاجة .

كل ما عليكم ليس سوى التأكد من أنكم قد دفنتم رؤوسكم في الرمال بإحكام ، ولتتركوا الكائن الجديد يقوم بإنجاز المهمة عنكم ، فلن يكون بوسع أحد من اليوم لومكم ، أو مؤاخذتكم ،  أو حتى معاتبتكم .

فأهلاً بكم إلى حيث كائننا الخرافي الجديد !
أهلاً بكم إلى عالم المؤامرة !

2015/05/01

كشف عذرية !


نتيجة بحث الصور عن الدولار

إلى من يهمه الأمر
من النشطاء والحقوقيين

بقلم : ياسر حجاج
يبدو لي أنه من البديهي تماماً أن تُحددوا خياراتكم في الحياة ، فتكون رجالاً أو لا رجال ، فحالة (البين بين) أمر غريب فطرياً ومستهجن تماماً إجتماعياً ، ما لم يكن الأمر بالطبع راجعاً في جزء منه إلى إعتبارات خِلقية (بكسر الخاء) .
إلا أنه من الجلي تماماً الآن وفي ظل إعتبارات خِلقية طبيعية يريد البعض منكم أن يعيش أو يعايش (طور الميوعة) على كبر ، والحقيقة أنه لا مشكلة شخصية لدي في أن يكون بعضكم (مائعاً) أو حتى (متهتكاً) ، بشرط أن تباشروا ميوعتكم أو تهتككم أو كليهما من وراء حجاب ، أو خلف أبواب مؤصدة ، أما أن تخرجوا بها علينا ، وتجعلون منها عملاً أخلاقياً ، أو حتى مسلكاً موضوعياً أو حقوقياً ، فذلك لعمري عين العبث .

أيها الراقصون مع الذئاب والذباب ، فوق جسد الوطن المنهك
أما آن لكم أن تكونوا رجالاً ، فتقدمـوا لأمتكم كشف عـــــذرية

*****
هاكم صفحة من دفتر يوميات
ناشط حقوقي ، كمـا تخيلتــها
المكان : السفارة البريطانية
القــاهرة - جاردن سيتـــــي
الزمان : صيف 2013

في حُلة إستثنائية في أناقتها ، دخلت بثقة إلى حيث مكتب سكرتيرة الملحق الإعلأمي بالسفارة ، بناء على موعد سابق ، سبقني إليها عطري الكلاسيكي الفواح ، قدمت كارت التعارف لها ، وخاطبتها بلغة ودودة :
- هناك موعد مع سعادة الملحق السيد / جيري بن .
وبلغة دمثة لا تخلو من برود إنجليزي معتاد :
- سيدي ، هل تفضلت بالجلوس ؟
أومأت إليها موافقاً دون أن أنبس بكلمة ، ثم عادت فأردفت :
- سأوافيك بعد قليل ، فسعادة الملحق مازال في إجتماع ، فقد أتيت مبكراً قبل موعدك بربع ساعة ، غير أنني لم أعقب ، فالصمت دائماً ملاذاً محبباً لي ، لاسيما إن أردت أن أبدو على هيئة أو شاكلة جادة .

تلبست - إلى حين - حالة الوقار التي تتناسب مع هكذا مكان عتيق ، تفوح منه رائحة التاريخ ، وعبق الماضي الإستعماري القديم ، وعلى الحائط المقابل لي تماماً ، وفي الجزء الذي يعلو مقعد السكرتيرة ، كانت هناك أيقونات إنجليزية حقيقية ، صور لقادة ومفكرين ، فلاسفة وأدباء ، رياضيين وسينمائيين ، حتى شعار البي بي سي كان هناك ، وكأني به ينبه والجالس والمار ، وبصوت مسموع حد الصراخ (هنا لندن - هيئة الإذاعة البريطانية) ، فالإنجليز لا يفوتون هكذا فرص .
وبينما أتجول بناظريِّ أخذتني الدهشة حقاً من هذا الطراز المكتبي الفريد ، وكأنه أتى للتو من حقبة فيكتورية تليدة ، وقلت في نفسي ، هاهم الإنجليز يذكرونك في كل مناسبة ، وأينما حلوا ، أنهم أبناء إمبراطورية مجيدة ، حتى وإن توارت شمسها الآن خلف ضباب بلادهم الكثيف ، ثم إلتفتُ عن يساري لأرى لوحة كبيرة الحجم لملكة بريطانيا العظمى ، وقد أحاطت بها إضاءة خافتة لا تكاد تظهر منها سوى عينين مملؤتين بالود الممزوج بالشموخ ، حدقت في اللوحة لبعض الوقت بشكل حتى أثار إستغرابي ، وحدثتها بلسان القارئ المجد لتاريخهم ( أهي أنت إذن ؟) ، لم انتظر طويلاً حتى جاءتني الإجابة على لسان مفعم بغرور وأبهة القصور الملكية ( نعم إنها أنا ، ألديك شك ؟) .

 هدأت من روع الهيبة التي تملكتني وقتها ، ورأيت أن الأمر بحاجة إلى معالجة ناجزة ، وبخفة مصطنعة كانت جديرة بالتسجيل حقاً ، قمت وإنحنيت أمام جلالتها مؤدياً لها التحية كأحسن ما يُـنتظر من جنتلمان حقيقي ، أو دوق نبيل ، حتى وإن كان ذو خلفية ريفية مصرية .
وددت وقتها أن لو لمحني أحد ، فأنال إستحسانه ، أو أدخل دائرة إهتمامه ، لكن للأسف لم يكن هناك من أحد يرقبني ، ولكني عولت - ومن باب الدفعة المعنوية لذاتي - على أن كاميرات المراقبة لابد وأنها قد سجلت ذلك ، الأمر الذي قد يكون محل نظر ذوي الشأن بالسفارة ، ولعلهم يحاولون التعرف عن كثب عن ذاك الذى أدى التحية لمليكتهم حتى وإن لم يره أحد  .

مرت دقائق حتى أتى صوت ذكوري باسم من نهاية الممر المفضي لمكتب الملحق الإعلامي بالسفارة :
- مستر / محمود .. اهلا بك ، تفضل .. تفضل .
قمت من جلستي ، وسرت بتؤدة وإستقامة في الممر الفسيح ، ومختالاً كأي إمبراطور متقاعد ، لم ينس بعد قواعد البروتوكول ، وثقافة المراسم والتشريفات ، ومددت يدي لصديقى / جيري بن ، وحرصت على وجود مسافة كافية بيني وبينه أثناء مصافحتي إياه ، إلى الحد الذي لامست به بالكاد أطراف أصابعه ، فلا شئ أحب لمثلي من اللفتات المعبرة ، والزوايا الصغيرة التي لا يلمحها غالباً أحد ، وهذا أمر ساحتاجه بشدة في قادم الأيام .

بادرني الملحق الإعلامي بعد المجاملات المعتادة :-
- مستر محمود .. أعلم أنك لا تشرب الكحوليات في الصباح ، فماذا أقدم لك ؟
دون أنظر إليه ، طلبت فنجان من القهوة التركية ، ثم قدمت له مظروف مغلق ، ومع إبتسامة باهتة لا تخلو من تحد غير مبرر :
-عزيزي جيري ، هذا هو إذن التقرير الذي وعدتك به ، به رصد وقراءة للصحافة المصرية ، الحكومية والخاصة ، وبعض من إنطباعاتي عن ردود الأفعال المجتمعية إزاء ما يُسمى بثورة 30 يونيه ، يا إلهي لقد نال مني التعب مناله حتى أنتهيت من كتابة هذا التقرير في الوقت المتفق عليه .
تلقف صديقي التقرير بإهتمام ، وبدأ بمطالعة بعض عناوينه الرئيسية ، ثم ألتفت إلي وقد خلع نظارته :-
-هذا مجهود مُقدر ، ولعل أصدقائنا في لندن سيرون فيه ما يستحق المتابعة والتحليل ، ولا أريد أن أذكرك عزيزي محمود ، أننا مازلنا ننتظر تقريراً منفصلاً عن القيادات الصحفية الجديدة التي تستعد لتبوأ رئاسة تحرير الصحف الحكومية خلال الفترة المقبلة ، فهذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا ، فلا نريد للأمريكان ان يسبقونا في هذا المضمار أيضاً .
-لا عليك ، تقريري شبه جاهز ، فقط أردت الإحاطة ببعض التفاصيل المحيطة بالأسماء المقترحة ، لعلنا نقع على أمر ذو بعد ملفت لأحدهم ، فنعمل عليه بكل قوانا .

وبإبتسامة موحية سألني بن :
-ماذا لديك اليوم .
- فقط سأمر على نقابة الصحفيين عصراً للمشاركة في وقفة تضامنية مع أحد نشطاءنا الذي جرى إحتجازه مؤخراً ، في المساء سأمر على نادي الليونز لإلقاء محاضرة عن الحقوق والحريات في ظل عسكرة النظام المهيمن على المشهد الآن ، وبعدها سانتقل كالمعتاد إلى منزل صديقتنا المشتركة لنبدأ جولة جديدة من جولات السمر .
-ممتاز .. ستجدني قد سبقتك إلى هناك مع مشروبك الإنجليزي المعتق ، وأرجوا قبل المغادرة ان تمر على سكرتيرة مكتبي ، هناك مظروف بأتعابك عن هذا الشهر ، مع خالص تحيات حكومة جلالة ملكة بريطانيا ، قمت من جلستي منحنياً كالعادة :
- فلتحياً جلالتها ، ولتحيا حكومتها العظمى .

لم أنتظر حتى أدلف إلى سيارتي ، بل قمت بفتح المظروف مباشرة لأقف على مقدار التقدير لمجهوداتي ، وما أن إنتهيت من العد ، حتى  أخذت نفساً عميقاً ، وقلت في نفسي ، يا لبخل الإنجليز ، إن الأمريكان يدفعون أكثر ، وعلى عجل قمت بإجراء مكالمة من هاتفي المحمول إلى سكرتيرتي :
صباح الخير عزيزتي شيماء ، أرجوا إرسال تقريري عن رؤساء تحرير الصحف المصرية إلى البريد الإلكتروني الخاص بالملحق الإعلامي بالسفارة الأمريكية ، وحددي لي موعداً معه .

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة