2015/05/21

تخوم الذاكرة !

 نتيجة بحث الصور عن الذكريات
بقلم : ياسر حجاج
دفقة مطر قصيرة كانت أكثر من كافية ، ليعمل السلم الموسيقى بكامل طاقته ، لتبدأ بعدها أماسي المرح ، دفعة من هواء لطيف عبر نافذة مواربة ، كانت تفي بالغرض لتحيل الستائر المرتعشة إلى راقصات باليه على أنغام سيمفونية ألف ليلة وليلة لريمسكي كورساكوف ، أما وقد إنقطع التيار الآن ، فالترحيب بات لازماً بالكائنات الشفافة السابحة في فضاء المكان ، تبدأ الآن جلسات نقاش أحادية بين الصوت والصدى ، والرهبة المحفوفة بالرجاء ، على ضوء كشاف إضاءة باهت تبرز قصاصة عتيقة في إحدى زوايا المكان ،  مدون عليها : أن أحد أحفاد فيكتور هوجو أديب فرنسا الأشهر دخل عليه ذات يوم فوجد خادمة المنزل بين أحضانه ، وإذا بالحيرة التي إنتابت الحفيد ، تبددها كلمات الأديب الكبير ( أي بني .. هذه هي العبقرية !! ) ، ومع إيحاءات المعنى ، والصورة السينمائية للمشهد يعود التيار ، فينشط عمل الأحداق ، وتعود الخلايا للتكاثر من جديد .

هذه المرة مع أحدث إعلانات مستحضرات التجميل ، حيث أحمر الشفاه المجرب على شفاه الباريسيات الفاتنات ، وذاك العطر الذي يعبق المكان عبر شاشة تلفاز عتيق ، كوب من الشاي الدافئ على عجل الآن ، فلم نلج بعد عصر القهوة التركية ، مع سيجارة مختلسة من علبة دخان الوالد ، تغدو المشاهد في غاية الإثارة .

قربت الأيام السوداء .. لما لا نكب على كتبنا الدراسية الآن ؟ تباً للكمياء والفيزياء والأحياء ، حبذا لو غاص مدرسو هذه المواد في محاليل حارقة فتتآكل لحومهم وعظامهم ، وليذهبوا إلى الجحيم بأنفاسهم التي تفوح منها رائحة الكلور ، كان جاليليو إستثناءاً بحق ، ألم يقل أن الله صاغ الكون بلغة الرياضيات ؟ .

كانت غابات السافانا أهم من أي نظرية علمية ، مشروب الكوكاكولا أكثر فائدة من إكتشاف البنسلين  ، لما لا نجرب خلط الفلفل الأسود بالشاي ، الشقيق الأصغر على وشك أن يعاين الآن تجربة القئ عن قرب ، وعلى دراجة منزلية ذات عجلات ثلاث ، أصدر فرعون الأمر لخدم المكان أن يحملوه عليها جيئة وذهاباً بطول المكان وعرضه ، كانت العصا حاضرة ، وبصوت يتردد لمن يتردد ( العصا لمن عصى ) ، على وقع صراخ الضحكات كانت الأجساد المذعورة تتحاشى أن تكون فى مرمى العقاب ، لا أجمل من أن يكون أحدنا هو الإبن الأكبر ، ليتقاسم مع الوالدين بسط السيطرة والنفوذ .

حدث كبير .. قامت الأم بتركيب قفل لباب الثلاجة لقطع الطريق على الفضوليين ، فليكن .. عود معدني بسيط سيعالج الأمر على أحسن ما يُرام ، باتت الفرصة مواتية الآن لإلتهام المزيد من الزبد الذي أتى لتوه من الجدة المقيمة بالأرياف ، مع آخر لقمة ، سأخرج لساني ، لكل أولئك الأشرار المقيمين بالمنزل ، ستائر الردهة منسابة بأريحية ، ستعانق بعد قليل تسديدات صاروخية من أمهر من لامست الكرة قدميه ، وسط هتاف المشجعين ، يغدو التواضع مطلباً ضروريا ، سأكتفي برفع شارة النصر ، بينما العيون الخجلة تعانق اللا شئ .

ولا أدك ميه يا أبو العين العسلية .. تنبعث من الجوار ، من تراها هذه التي تريد أن تقطع رهبة مطالعة إعلانات التعازي بجريدة الأهرام ؟ الكلمات المتقاطعة بالجريدة كانت غاية في الصعوبة ، يبدو أن شرير آخر يعمل هناك ، يا الله .. لكم أكره الصحفيين !! .

زميلنا سعيد يحب زميلتنا صدف ، صدف تستلطف سعيد ، على عجل إجتماع لمجلس الأشرار من رفاق الشلة ، الخطة .. تشويه السمعة أو الإبتزاز ، صفحة ملخصة من مادة العلوم ، ستتحول إلى خطاب غرامي مختلق من أحدهما للآخر ، مع التهديد بتسليمه لمدرس المادة ، الهدف .. إستخلاص الفتاة الطيبة من حمى هذا المتأنق التافه ، معارك بالحجارة ، وأكياس الرمل الصغيرة ، نصب الأكمنة على أطراف الشوارع والحارات للغريم ، كانت النتيجة مبهرة ، أتت صدف صاغرة لتسليم مفتاح مدينتها ، وبكل نبل الفوارس يأبى الفاتح الجديد سوى أن يهديها قالب من الشيكولاته ، حصيلة مصروف يومين ، ثم يدعها وينصرف دون أن ينبس حتى بكلمة !! . 

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة