2018/10/06

وجه نوبل المُشرق



بقلم : ياسر حجاج

أيًا ما كان حجم التناقضات من حولنا، ومهما بدا الظلمُ مسيطرًا، والحاجة تعلو فوق كل اعتبار، فإن هذا لا يمكن أن يحجبَ حقيقة مفادُها، أن على هذا الكوكب أناس، لا هم لهم سوى الاتساق مع أنفسهم ومع غيرهم، ولا رسالة لهم يهبونها جل اهتمامهم كالعدل، ولا هم لهم ولا شاغل كالإيثار .

كان خبرًا مُفرحًا لا شك لكل المعتدلين إنسانيًا والمنضبطين أخلاقيًا، أن تمنحَ الأكاديمية السويدية يوم الجمعة الموافق 2018/10/05، جائزة نوبل للسلام لعام 2018، إلى كل من الطبيب الكونجولي دينيس موكويجى، والناشطة العراقية الإيزيدية نادية مراد على جهودهما لإنهاء استخدام العنف الجنسي، كسلاح فى الحروب، والصراعات المسلحة .

لقد كان طبيب النساء والإنسان الرائع دينيس موكويجى (63 عامًا) متخصصًا في علاج النساء اللائي تعرضن للاغتصاب، جراء النزاعات القبلية المسلحة، فضلًا عن جهوده في إعادة تأهيلهن ودمجهن في محيطهن ومجتمعهن مرة أخرى، بعد الأضرار الكبيرة التي لحقت بهن . أما السيدة العظيمة (25 عامًا) نادية مراد فقد كانت ضحية لطاعون العصر، تنظيم داعش الإرهابي، الذي اجتاح قريتها وقتل جل أسرتها، واستعبدها وانتهك خصوصيتها الجنسية، في مشهد يندى له جبين حتى من لم تحدثه نفسه يومًا بفعل الخير، فعادت من كل ذلك كمبشرة وراعية ومنادية بحقوق المرأة والطفل حول العالم بأسره.

ها هي جائزة نوبل للسلام تُضيفُ لبنة أخرى إلى جدار الإنسانية، وتُعلي من قيمة الجهد الإنساني العام، المُجرد من الزيغ، والمُنفلت من كل هوى، وتُسلطُ الضوء على أناس من بيننا، ضربوا أروع الأمثال وأنزهها، على أن بهذه الحياة ما يستحقُ أن نناضل من أجله، ونجعل منه قضيتنا المركزية وغايتنا النهائية .

إن القيمة الحقيقية لهذه الجائزة في شقها الأدبي تحمل أخبار سارة بلا شك لأولئك الذين مازالوا يجاهدون جور السلطان، والتعصب المقيت، وعدم التسامح الذي أصبح فاشيًا حتى بين أوساط المُتعلمين. إن هذه الجائزة ستعطي دفعة معنوية معقولة أيضًا لثلة من المكافحين من أجل قضايا الأقليات، والمدافعين عن حقوق الإنسان بوجه عام، كما أنها وبشكل ما ستضع الطغاة والمجرمين والمستبدين في كل مكان، تحت عدسة الرصد والمتابعة، تمهيدًا ليوم يكون فيه الحساب، جزاءً وفاقًا !

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة