2015/05/25

ألف ليلة وليلة

بقلم : ياسر حجاج
      
ألف ليلة وليلة ، لكورساكوف
نبتة من عهد القياصرة 


لا أدرى إن كان بوسع أحدكم أن يستقطع قرابة الـ 45 دقيقة من إحدى أماسيه العديدة هي عمر المعزوفة ، ليعيد ضبط (إعداداته) إلى صورتها الأولية ، فيتقمص دور طائر بحري لم تلامس قدماه اليابسة قط ، لا أدري أيضاً إن كان أحد مهتم أصلاً بإعادة التعرف إلى حواسه ، ليوقن من بعد ذلك ، أن للأذن وظيفة أخرى غير السمع ، وأن العين تعمل إلى ما هو أبعد من حدود الرؤية .

إن هيئاتكم وإن بدت صارمة ، وقسماتكم وإن أسفرت عن شاكلة جادة ، لن يكون بوسعها أن تخفي الجمال المركوم تحتها ، ولا هذه الخمريات المتناثرة ما بين لحم وعظم ، وكتلك التي تشققت فخرج منها الماء ، كذلك هي منابت الروح ، إن هيأت لها سبيلاً - بعد طول خمول واختباء - للإطلالة على العالم من جديد .. فقط يود أحدنا لو مُنح فرصة واحدة ربما ، ليستكشف بنفسه أن المجهول من عالمه الخاص ، أكبر بكثير من المعلوم لديه ، أزعم أن هذه المعزوفة ستؤمن جزء لا بأس به من هذا الجانب ، فلقد جربتها مراراً ، ولم تخيب رجائي ولو لمرة ، وكونك قد إكتشفت ، أو حتى كنت على وشك أن تكتشف زوايا جديدة في شخصيتك ، فإن هذا لا يعني بحال ، أن أمورك ستسير نحو الأفضل ، غاية الأمر ، أن بداخلك ما يصح البناء عليه ، أو الإنطلاق منه ، أو الإستئناس به على أقل تقدير في هكذا أمسيات .

لزم التنبيه .. أن يا حبذا لو إستمعت لهذه السيمفونية منفرداً ، بالنظر إلى الحالة التي قد تتلبسك ، وتجعل منك محلاً لإستغراب المحيطين بك ، ذلك أنه من المؤكد أن القلق سيساورهم بشأنك إن سمعوا دبيب قدميك ، أو عاينوا تلويح يديك ، ولربما بلغ القلق منهم مبلغه ، إن رأوك وقد إنخرطت محاكياً قائد الأوركسترا السيمفوني ، الذي بدا وكأن مس من الجنون قد أصابه ، بينما يقود بإقتدار لافت جموع العازفين على مختلف آلاتهم الموسيقية في نسق بديع ، لامس حد الخيال ، لذا .. عليك الإنتباه ، فلست أنا أو أنت ، في حاجة إلى أن نُعطي الغير ، أدلة أو شواهد جديدة ، على تقدمنا في العمر ، وإذا وجدت نفسك بعد سماعك المعزوفة ، على ذات الهيئة التي كنت عليها قبل سماعها ، فأنا أتقدم لك بالإعتذار مقدماً ، أن قد مررتُ المقالة من تحت عينيك بطريق الخطاً ! .

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة