2009/01/05

غزة .. لحن كربلائي


إن التاريخ في دورانه المسرع لم يكن ليتوقف إلا عند محطات فارقة ، وعلامات مضيئة ، وهو بهذه المثابة يتجاوز المحطات الخاملة أو تلك الباهتة كونها لا تستحق الوقوف متابعة أو مشاهدة أو توثيقاً ، وبوسعك إن شئت أن تقلب دونما ملل صفحاته قديمها وحديثها وستقف بنفسك بالتأكيد على أنه في جزء كبير منه قد أولى إهتمامه لأولئك الصنف من الناس الذين أبوا إلا أن يحيون بكرامة ويموتون بعزة ، فعاشوا وماتوا وما ماتت ذكراهم ولا خبت المعاني النبيلة التي أورثونا إياها ، فهؤلاء لا يقبلون العيش تحت ظلال من المهانة ، وضربوا للخاملين من الناس أروع الأمثال في كيفية التضحية وبذل النفس والمال والولد ، فتراهم لا يتدثرون بعباءة باغٍ ولا عادٍ ، تجري الحرية في عروقهم مجرى الدم ، فهي وقود حياتهم ، ومبعث أرواحهم ، يتعرقون نبلاً ويزفرون حكمة .

من هؤلاء بل في مقدمتهم من تحل ذكرى إستشهاده يوم العاشر من محرم الحرام الإمام أبي عبد الله الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي جابه بصدر عارٍ وعزيمة لا تلين ذلك الإصطفاف الطويل لأقوام رضوا أن يكونوا وقوداً للطغيان ، فبهم إستعرت المظالم وعلى كواهلهم إنتصبت قامات البغي ، فخلدوا أسمائهم كأسوأ ما يكون الذكر ، فإستحقوا مذمة الرائح والغاد ، لا أدري لماذا تذكرت الآن هذه الشخصية الفريدة ، هل لأننا في شهر الله المحرم ؟ لا .. بل أن ذكراه وغيره من كرام النفس تأوي إلى مخيلاتنا كلما مر بأمتنا ملمة من الملمات كتلك التي تدور رحاها في غزة الآن ، فهاهي صور الأيتام والثكالى والأيامى تفت فؤاد من كان قلبه ُقد حتى من حجر .. وهاهي مشاهد الدماء الزكية تتشكل جداول وعيون ممضية العزم سيراً إلى تربة جديدة ونبتة جديدة تينع في سماء الفداء .. بالتأكيد لا توجد مقارنة ما بين مشهدي كربلاء وغزة ، فالبون بينهما واسع ، والعمق جد بعيد ولكنها ربمــا الذكريات...نعم ... ذكـريات تتداعى متشحة بقتـامة المشهد وفجيعـة الخذلان .

هناك تعليقان (2):

سراج يقول...

عظم الله لكم الأجر
أتصور أن تزامن أحداث غزة مع أيام مصيبة أبي عبدالله(ع).. هو تحذير لنا من أن نكون في صف المتخاذلين ناهيك عن صف من يحارب الحق... لا أعتقد بالصدفة في تقدير الله لأن تنافي الحكمة في التقدير

البنات حسنات يقول...

إلى سراج
عظم الله لكم الأجر ، وأحسن عزائكم وقانا الله وإياك شر الفتن ، وشكراً على مرورك .

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة