2019/01/10

المامبو السوداني !


بقلم : ياسر حجاج


في محاولاته الحثيثة للخروج من مأزق المظاهرات الشعبية الهادفة إلى إقتلاعه من سدة حكمه الإستبدادي، خاطب الرئيس السوداني عمر البشير بالأمس جمعًا من أنصاره في الخرطوم، قائلًا لهم أن من يريد حكم السودان، فليس لديه سوى صندوق الإقتراع، يقول ذلك لهم، وهو الذي قفز على السلطة إثر إنقلاب عسكري منذ قرابة الثلاثين عامًا، إنقلب فيها على سلطة مدنية كانت تجمع أغلب الأحزاب السياسية في السودان

ينسى البشير (75 عامًا) أن في ظل حكمه غير الميمون، إنقسمت السودان إلى شطرين، وتكاد لا تتوقف في ربوعه النزاعات القبلية والعرقية، ناهيك عن مآسي الفاقة والإحتياج التي تضربُ الكثير من أطرافه، أما عن الأوضاع المعيشية لمواطنيه، فظاهر أحوال الناس أبلغ من باطنه

الرئيس البشير المطلوب رقم (1) لدى المحكمة الجنائية الدولية في جرائم إنسانية مريعة في أقليم دارفور، غالبًا ما يتقدم صفوف الصلوات، ويلهج لسانه بالذكر الحكيم، حاله ليس أفضل من حال أقرانه في المحِلة العربية، فهو وإياهم ومنذ زمن بعيد يُغيبون المعارضين عن المشهد، ثم يذرفون عليهم الدموع، ثم لا ينسون في المختتم إرسال برقية عزاء. البشير وأقرانه ينهلون من بئرٍ واحدة، ماؤه آسن ورائحته نتنة، ومع ذلك يسوقونه كالناس كما لو أنه لذة للشاربين!

في الواقع أن حُكامنا عمومًا - وليس البشير وحده - يتمتعون بدرجة عالية من الُظرف المُبالغ فيه، الذي يصل بهم وبنا أحيانًا إلى حد المسخرة الحقيقية، فتراهم - في مبتدأ عهودهم - وقد حدثوك عن الزهد في السلطة، فإن إقتنصوها، نشبوا فيها مخالبهم وأسنانهم، فلا يتركونها إلا وهي جثة هامدة أو في حالة تعفن شديد، وإذا حدثوك عن العفة ونظافة اليد، علمنا من الوهلة الأولى أن فنهم الأسمى ليس سوى اللصوصية وإنتهاب المال العام

اليابسة العربية في ظل أغلب حُكامها، مجرد نتوءات حادة ومشوهة على وجه الخارطة العالمية المعاصرة، فهي ليست سوى تضاريس جافة غير موعودة بإنباتٍ نافعٍ في عهدٍ قريب، ومع وفرة وغزارة في الإنتاج من الشوك والحسك، أضحى حالنا أشبه بحال قوم عاد في غابر السنين، أرسل عليهم الله عارضًا فحسبوه مطرًا، فإذا به ريحٌ عقيم !

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة