2018/03/16

مقدمات الكتب ..فن وذوق !

بقلم : ياسر حجاج

تروقُ لي الكثير من مقدمات الكُتب الأجنبية ، لاسيما عندما تُختتم هذه المقدمات ، بتوجيه المؤلف الشكر إلى بعض الأسماء والجهات ، التي يرى أنها قد أسهمت إسهامًا إيجابيًا ، ليظهر كتابٌه بين أيدي القراء ، فبجانب دار النشر بالطبع ، هنالك سلسلة أخرى غالبًا ما يجري الإشارة إليها ، بحسبانها الجنود المجهولة ، الذين لا يعرفهم القراء ، كمحرري النصوص والمدققين اللغويين ، والسكرتارية الخاصة ، فضلًا عن زوجة المؤلف وأولاده وأصدقائه ، وربما مدبرة منزله ، وذلك لما لهذا القطاع من فضل الإعداد والمساندة ، علاوة على الجهد الإنساني الرائع ، الذي يتمثل في ممارسة الدفع المعنوي لشخص الكاتب ، وبث روح المثابرة والإصرار في نفسه ، وحثه على المواصلة ، إذا ما تعثرت خطواته على الطريق .

مازلت أذكر أني قرأت قبل فترة ليست بالبعيدة كتابًا صغيرًا ، يقل عن 150 صفحة بقليل ، ومع ذلك فإني وجدتُ المؤلف - على صغر كتابه - قد وجه الشكر لأكثر من 50 شخصية (طبيعية وإعتبارية) ، لا على سبيل الإجمال ، بل على سبيل التحديد ، منوهًا - بشئ من التفصيل - إلى الجهد الذي ساهم به كل منهم ليظهر كتابه في الأسواق ، ولقد شعرتُ وقتها بكثير من الإحترام لشخص هذا الكاتب ، لقاء ما أبداه من نبل وتقدير تجاه الأطقم المساعدة له ، لاسيما عندما نوه أن كتابه ما كان ليظهر بصورته الراهنة ، بدون مساعدة وملاحظات وتوصيات أهل الخبرة من أصدقائه .
قد لا يعتبر أحدهم هذا الأمر ذو أهمية كبيرة ، وربما فضل أن يتجه مباشرة صوب موضوع الكتاب ، ولكن الحقيقة ، أن هذا الأمر ينطوي على قدر كبير من الأهمية ، لاسيما بالنسبة للقراء المحترفين ، الذين ينظرون إلى الكتاب غالبًا نظرة بها قدر من الشمولية ، فذلك النوع من المقدمات ، يجعل القارئ يبدأ رحلة القراءة بنفس طيبة مطمئنة ، وصفو خالٍ من كل كدر ، مع شعور مفعمٌ بالدفء والمحبة تجاه الكاتب ، صحيح أن المحصلة النهائية لموضوع الكتاب ، قد لا تنال الإعجاب الذي كنت تنتظره ، ولكنك على أية حال ، لم تخرج أبدًا صفر اليدين ، فإنك لا شك قد تعلمت درسًا بليغًا بنذرٍ قليلٍ من المال ، مفاده أن شكر الناس وإن قل جهدهم أو عطاءهم ، من شأنه أن يبني جسورًا من الثقة والمحبة والحميمية ، لن تتمكن غالبًا من شراء أي منها ، لأنها غير متاحة بالأسواق . !

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة