بقلم :
ياسر حجاج
يبدو أن محركات البحث على الإنترنت قد عملت بأقصى
طاقتها ، لتلبية طلبات المستخدمين الباحثين عن ماهية تلك الدولة البازغة ، التي
يحتل إسمها الآن صدارة نشرات الأخبار والمواقع العالمية ، بعد الأداء المبهر
لفريقها الوطني لكرة القدم في مونديال روسيا 2018 .
قد تتفاجىء أنه لا توجد معلومات إستثنائية أو
خاصة عن هذه الدولة ، تُبرر كل هذا الإهتمام الإعلامي غير المسبوق ، وذاك الإحتفاء
الشعبي الحار في أرجاء المعمورة ، وهذا على أي حال دأب الناس في كل مكان ، إذ
ينظرون بكثير من الإكبار والإحترام لأولئك البسطاء ( دولًا وأفرادًا ) وهم يرونهم
يشقون طريقهم صوب الشمس ، متجاوزين الكبار في تحدٍ ينتزع الآهات ، رغم جبروت كل
الأيقونات العتيقة ، كالإسم والتاريخ والجغرافيا والإقتصاد .
لقد بلغ الإنسان منا شأوًا عظيمًا جدًا ، إذ
تغيرت - على نحو جادٍ - نظرته للحياة ولكل أنماطها الكلاسيكية المعتادة ، فما عاد يركنُ
إلى العزف القديم ، على أوتار حضارة منصرمة ، أو مجد إمبراطوري بالٍ ، وما عادت
تغير قناعاته كل المزركشات المعاصرة بتراكيبها المبهرة .
نعم بات الإنسان أكثر
وعيًا من ذي قبل ، وصار - رغم كل الصعوبات التي يحيا في ظلها - يُبدي الدعم اللازم
للبسطاء ، ويرجو - من صميم روحه - أن تُصادف
ثلة المهمشن حظوظًا أفضل من ذي قبل ، والحقيقة أن كل تعاطف نالته هذه الدولة من
مشجعي كرة القدم حول العالم ، لهو دليل لا يُستهان به ، أن الإنسان رغم كل شيء ،
تحيطه المشاعر النبيلة ، ولا تعوزه سوى الأمثلة الصادقة والجادة ، لتتدفق هذه المشاعر إلى مسارها الذي تستحقه .
أتت رئيس هذه الدولة ، السيدة / كوليندا كيتاروفيتش
، لتضيف للمشهد بعض من السحر والدلال ، من خلال دعمها اللا محدود للاعبي بلدها ،
غير آبهة بقواعد البروتوكول الباردة ، فكان حضورها الحار وإطلالتها البديعة ، محل
إعجاب الجميع شرقًا وغربًا .
كل التحية لهذه الدولة وحكومتها ورياضييها ، وكل
التحية للبسطاء في هذا العالم ، الذي رأوا في هذا النموذج الجدير بالإحتذاء ، ما
يؤكد ما وقر في ضميرهم ، من أنه لن يصح في النهاية سوى الصحيح .
ولا يفوتنا في هذا المقام ، أن نقدم خالص التعازي لأحلامنا وطموحاتنا وآمالنا ، التي رجوناها لبلادنا وأنفسنا وأهلينا وأولادنا وأحفادنا ، بعد أن قتلتها - عن عمدٍ - جوقة الحمقى التي تعزف الآن في أوطاننا ، معزوفة الختام لبلدان ، كان مُقدر لها النهوض ، فإذا بها الآن ، تصارع من أجل البقاء !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق