2018/08/20

مُستطرف ومُستظرف .


بقلم : ياسر حجاج
لا علم لي بعدد المرات التي قرأتُ فيها هذا الكتاب، للعلامة المصري شهاب الدين الأبشيهي ، فهو على الدوام رفيق أسفاري، ونديمي في حلي وترحالي، أسميه (دستور الأدب) لو قايضت كل ما أملك من كتب به، لرأيتني رابحًا غير خاسر، وغانمًا غير غارم .

ولأن أعمارُنا جدُ قصيرة، ودبيبنا على الأرض سيظل محدودًا، وسعينا فيها سيبقى محصورًأ، فلربما ود أحدُنا أن تتاح له فرصة أكبر، لمزيد من المعايشات والمعاينات والصولات والجولات، لكن هيهات هيهات، فقد إنقضت حقبة الأعمار المديدة، وإنفلتت دون رجعة، أزمنة الأبدان الشديدة، من هنا تأتي أهمية القراءة وتحصيل العلم، والوقوف على الأخبار، فذلك كله لا شك من شأنه أن يعطينا أعمارًا فوق أعمارنا، بالنظر إلى ما يجرى تشييده من صروح ، ومراكمته وتحصيله من فنون.

لقد حثنا الله في غير موضع على التدبر والنظر، وإجالة الخاطر والبصر، فنُضيف إلى معين خبراتنا عيونًا دافقة ، وأظن أن هذا الكتاب نقطة جيدة جدًا للإنطلاق. ولكي أكون دقيقًا أكثر، فإنه ليس بكتاب بالمعنى التقليدي، بل موسوعة باذخة تقع في مجلدين، تربو على الثمانين بابًا، فيها خبر من غبر، ونفائس الشعر والأدب، بها أخبار الحمقى والصعاليك والحكماء الذين يزخر بهم كل جيل

ستعرف عن قرب، كيف تفرقُ بين الفصاحة والبلاغة، ستحاط علمًا بالتأكيد بنوادر النحاة والقضاة والمُتقعرين، ستصادف في طريقك أبو نواس فيسكب لك من خمريات شعره الشيء الكثير، ستعاين قصور الخلفاء والأمراء، ولربما أجَلتَ النظر من وراء ستار، إلى مخادع الجواري والحريم.

سيحملك هذا الكتاب فوق بساطه الساحر، فترى الدنيا كما لم ترها من قبل، فيافيها وحواضرها، عيونها وبساتينها، الأحلام التي فُسرت، والآمال التي كُسرَت ، أما إن كنت من أرباب المؤانسات، فإنك سعيد الحظ بكل يقين، إذ ستجد من يُرَوِحُ عنك ويُوادعُك ويُعلمُك كيف يكون السهر والسمر

في الختام أقول ، أن حيازة هذا السِفر، ستمنحك وأنت في قعر بيتك، عمر نوح، وسياحة سليمان، فماذا تريدُ أكثر !

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة