2020/05/20

رائحةُ الأيام !

بقلم: ياسر حجاج
كل يومٍ يتعزز لديَّ الإعتقاد بأنه لا توجد أبدًا إمرأة جميلة، بل إمرأة نراها جميلة، هذا إذا نظرنا إليها لا بعين الجارحة، بل بتلك المتأملة، التي تقفز دومًا فوق كل أسوار الرتابة التي تصور المرأة كقالب حلوى شهي، ينتظرُ أن تمتدَ إليه أيدي الذوَّاقة أو الجائعين.

كل صورةٍ تقعُ عليها عيناكَ فتجدَها صامتة، ساكنة، أو حتى خاملة، هي بالتأكيد ليست صورتك التي تبحثُ عنها، ولا هي مُبتغاكَ الذي إليه ترنو.


حاول أن تجد نسختك في مكانٍ آخر، أو حتى في عالمٍ آخر، فإن صادفتها ذات مرةٍ حية، مُتحركة، نابضة، فقد عثرتَ أخيرًا على شيءٍ منك قد ذهب ذات يومٍ، ولم تعرف قط إلى أي وجهةٍ قد ذهب.


صورة هذه السيدة هي أجمل ما رأيتُ في هذا العام الكارثي، فقسماتها على قدر بساطتها، ربما بدت أكبر من أي محاولة تصويرٍ أو مُقاربة، فنظرتها الودودة تبعثُ برسائل أملٍ لا تنتهي، أحاولُ الآن أن أتلقفها وأقرأها على مَهَلٍ، وأما بسمتها الساهمة، فبدتْ لي كنسمةٍ وُلدت في ساعةٍ من سَحَرْ، وكأني بها تهمسُ لي قائلة أن الحياةَ على قِصرها ربما كانت أفضل من مائة موتٍ خالد.

الصورُ كثيرًا ما تُهيجُ الذكرى، وتهبك رائحةً ما عدتَ تعهدها، فقد أعادتني هذه المليحة إلى حيث ثوب جدتي الأسود، الذي ما رأيتُها قط بدونه حتى غابت بعيدًا، غابت بأكثر الوجوه وداعة وطيبة، وما حسبتُ قط أن الأرضَ - بعدها - بقادرةٍ على أن تُنبتَ مرة أخرى، بذور خير وجمال ويقين!

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة