2009/10/07

صوت يعظ

لعل المصريون يبتهجون كثيراً بعبارة لا أعرف مصدرها ومفادها أن القرآن الكريم إذا كان نزل بمكة المكرمة ، وُطبع في تركيا ، فإنه لم ُيقرأ إلا في مصر ، أي أن قراءة القرآن الكريم ترتيلاً وتجويداً لا تجد لها مثيلاً من الإبداع والإتقان ومهارة الأداء سوى لدى القراء المصريين على إختلاف مدارسهم في القراءة ، وهذه العبارة وإن كانت تقرر أمراً واقعاً تفردت به مصر منذ حقب طويلة فإنها لا ينبغي على حال أن تتجاهل مراتب القراء الرفيعة في دول العالم الإسلامي الأخرى ، فالكل مأجور إن شاء الله ، وإن كانت المدرسة المصرية في القراءة – لاسيما القديمة منها - تظل لها الريادة والسبق في هذا المضمار الطيب .
فهاهم القراء المصريين يجوبون العالم إحياءاً للمناسبات الدينية وتتلقفهم جموع المستمعين بشوق كبير وترحاب بالغ فليس أجل من إمرىء يحمل بين جنباته القرآن يتلوه حق تلاوته مصطحباً المنصتين له في رحلة شائقة ومحلقاً بهم في أجواء تصويرية ومشاهد تكاد تلامس الواقع بذاك الصوت العذب المتدرج ما بين طبقاته الشجية والفرحة بإختلاف المعنى الذي تعالجه الآيات الكريمات .
ولابد أنك عزيزي القارىء قد قلبت مؤشر مذياعك دونما كلل أو ملل وأنت تبحث بحثاً حثيثاً عن ذاك الصنف من القراء الذين تستعذب صوتهم ولا تمل صحبتهم ولابد كذلك أنك قد تفاعلت يوماً ما مع شيخك المحبب لنفسك وهو يردد كلام العلي القدير لاسيما إن كان لديك تلك الأذن التي تضبط مواضع الكلمات وقفاً وإبتداءاً وتتقن مخارج الألفاظ وما يتركه وقعها من أثر حبيب على النفس .
والحقيقة أني قد وجدت ضالتي بين كثير من هؤلاء القراء الأفاضل ومن بينهم صاحب البضاعة النفيسة والعرض المبهر الشيخ / مصطفى إسماعيل "رحمه الله" الذي يمثل أحد الأعمدة العتيقة في صرح المدرسة القرآنية بمصر والعالمين العربي والإسلامي فالشيخ ذو الأسلوب الماهر حاذق التلاوة بهي الأداء قد دأب على الأخذ بمجامع عقول وقلوب المستمعين مستعرضاً بهم الآيات القرآنية مبيناً مفسراً لمعانيها وبمجرد التلاوة فقط مستخدماً في ذلك المقامات المختلفة التي تناسب الجو النفسي والبعد الروحاني للآيات فكبرت هامته في نفوس المحبين وصار له تلاميذ كثر يسيرون على ذات دربه ، ولا يكاد يمر يوم إلا وأشنف أذاني بمقاطع من تسجيلات الشيخ "رحمه الله " وتلامذته النجباء الأوفياء لطريقته فتمتلىء النفس بهجة حيناً وعظة أحياناً ، وقد كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد إستعذب جمال صوت قارىء القرآن وتغنيه به فقد صح عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه لما سمع أبا موسى الأشعري يقرأ القرآن ويتغنى به قال له ( لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود ) ، فرحمة الله على الشيخ الكبير ولا حرمنا صحبة صوته الأثير

فاتحة الكتاب بصوت الشيخ
رحمه الله

مقطع من سورة التحريم

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

[أن القرآن الكريم إذا كان نزل بمكة المكرمة ، وُطبع في تركيا ، فإنه لم ُيقرأ إلا في مصر].. هذه العبارة قرين عبارة " مصر تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ":)
المهم أن هذه حقيقة لا يمكن لعاقل أن ينكرها للقراء المصريين، فكلنا سمعنا من القراء الجدد الذين ذاع صيتهم قالوا أنهم في بداية مسيرتهم كانوا يستمعون للقراء المصريين، كما كانت هي توصية خبير برنامج " رحيق مختوم" من أنه لابد لكل مبتدأ من الإستماع إليهم ومحاولة تقليدهم، وهذه إن دلت على شئ فأنما تدل على مدى تأثير تلك الأصوات الربانية..

البنات حسنات يقول...

إلى سراج
مرحباً مجدداً .. لعلكم بخير ، وتعليقاً على تعقيبك الأمين أقول نعم فالتقليد في البداية يكون مثمراً إلى أن يألف الصوت المقامات ويتعود النفس الطويل في القراءة إلى أن يأخذ شكله وطابعه الخاص لينضم إلى جوقة القراء ذوي العبق والإبداع .. تمنياتي لك بالتوفيق .

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة