2015/06/01

أم محمد .. شكراً .


بقلم : ياسر حجاج

صديقتي وزوجتي الحبيبة / أم محمد
بعد التحية

ها قد أطل من جديد شهر يونيه ، كشاهد عدل ، ذو ثقة صدوق ، على هذين الذين إستقلاً وحدهما قطار رحلة منذ 25 عاماً ، تقاسما فيها معاً لقمة عيش ، وفاتورة حساب ، ثم سرعان ما إستقبلاً أضيافاً أعزاء ، أتسعت لهم مطارح قلوب ، وأحداق عيون ، هؤلاء الرائعين والرائعات من الأبناء والبنات ، الذين أضفوا على الرحلة الكثير من البهجة والمرح والسرور ، حيث أعطوا كلينا ، أسباباً وجيهة ، بأن في الحياة حقاً ما يستحق النضال والكفاح من أجله ، لعله يا عزيزتي .. ربع القرن الأسرع في حركة التاريخ مذ كان .

 إن شهر يونيه على قيظه وحره ، رأيته يتواضع اليوم ، وقد داعب المخيلة بنسمات ليست في طبعه ، ولا هي من شيمته ، لعله أراد يا عزيزتي ألا يكون ضيفاً ثقيلاً لهذه العائلة في مناسبة عزيزة على نفوسهم جميعاً .

لعلك تعلمين ، أنني أميل غالباً إلى التقييم ، والنقد اللاذع ، وتتبع الثغرات ، وتسليط الضوء على الهفوات ، ربما بحكم التخصص ، ولكنني اليوم أقف متجرداً ، إلا من سيف الإنصاف لأقر لك ، بأنني لم أجد في محطات الرحلة الطويلة ، ما يستحق الوقوف عنده ، أو النظر فيه ، ويكون محل عتاب أو مؤاخذة ، ذلك أن العكس هو الصحيح تماماً ، فبحكمتك وأناتك ، نجحت الأسرة جميعها في أن تكون مضرب مثل في التماسك ، والإحترام المتبادل والود العميق .

لعلي أذكر الآن تساؤلات بعض من الرفاق والأهل عن حصاد غربتي ؟ يبدو أن المساكين لا يدرون أنهم يتحدثون ألى أمير متوج على عرش أسرة دافئة ، وسلطان مفتون بالوهج العائلي ، فأي حصاد ذاك الذي يعلو على الرضا المنبعث من عيونكم ، وأي ثراء أفضل من الإحساس بأداء الواجب تجاهكم في حدود الإستطاعة ، وأي غنىً أبقى من أن أشعر براحة ضمير ، وهدوء نفس إن ذهبت لأخلد إلى النوم ؟ صحيح أنكم حولتموني من مليونير مُفترض ، إلى مستور مقتصد ، ولكن لا بأس ، فعافيتكم رصيد لا ينفذ ، وحساب جارٍ إلى يوم الدين .

فشكراً لك أن كنتِ زوجة عظيمة مخلصة ، وأم رؤوم ، شكراً لك .. أن تحملتي الأمزجة المتقلبة ، والفصول التي أتت في غير أوانها .. شكراً لك أن تحملتي على مدار أعوام عديدة ، نثريات مملة ، وأشعار مرتجلة وملفقة ، كانت دائمة مصحوبة بقهقهات عالية ، إذا ما قُدر لقائلها التوفيق في الإتيان بوزن متسق ، أو قافية منتظمة .. شكراً لك أن تحملتي كل هذه الثرثرات ، والسرديات البائسة عن عهد الطفولة غير البرئ .. شكراً لك على تعليمي قواعد الوقف والإبتداء ، والتفرقة ما بين المفخم والمرقق ، وكل أنواع المدود .. شكراً لك أن شاركتيني الحلم حتى بات قبضة يد ، بعد أن ظننت أنه قبضة ريح ، شكراً لك أن تحملتي ذاك الصداح في غير أوانه ، الذي لم يمل كل صباح من تكرار بائس وبصوت تخالطه بضعة من نعاس ، مطلعاً من أغنية الفيروز الدائم :

أنا شهر زاد القصيدة   وصوتي غناء الجراح
أنا كل يوم جــــــديدة   أهاجر عند الصبــــاح

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة