2011/03/02

(2) هوى الإستبداد .. شرقي السمات

الفيلسوف الفرنسي شارل مونتسكيو
( موقف الطاغية هو موقف ذلك الذي يقطع الشجرة لكي يقطف ثمرة )

السياسي والكاتب البريطاني لورد آكتون
( كل سلطة مفسدة .. والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة )

ضرورة السلطة :

يقول مؤلف كتاب الطاغية ( أن الحياة الإنسانية لا بد لها من قدر من التنظيم إن أردنا أن تحقق شيئاً ذا قيمة ، لا أن تكون مجرد عبث لا معنى له أو فوضى تقترب من حياة الحيوان ، لا يقوم نظام دون قانون ، وحيث لا يكون نظام يضل الناس السبيل ، فلا يعرفون كيف يتوجهون ولا يعرفون ما يفعلون ، والخارجون على السلطة كالقراصنة ورجال العصابات لهم قانونهم الخاص الذي لا يستطيعون العيش من دونه ... والتنظيم يحتاج إلى سلطة منظمة إذ لا يمكن تصور المجتمع السياسي بغير سلطة حاكمة تنظمه وتضع له القواعد ، فكما يقول الكاتب الإنجليزي تشيسترتون " لو أن جماعة كانت كلها قادة أبطالاً مثل هانيبال ونابليون ، فمن الأوفق ألا يحكموا جميعاً في وقت واحد " ، لذلك فإن النظام السياسي يفترض حتماً وجود سلطة تتولى إدارة الجماعة وتسير شئونها، وهكذا ينشأ المجتمع السياسي عندما يحدث فيه ما يسميه فقهاء القانون بالإختلاف أو التمايز السياسي ، أي عندما ينقسم هذا المجتمع إلى فئتين : فئة حاكمة تتولى السلطة السياسية وتصدر القرارات والأوامر ، وفئة أخرى محكومة لا يكون لها إلا الطاعة والتنفيذ ، ونظراً إلى ما للسلطة السياسية في الدولة من صفات فقد أطلق عليها الفقه الفرنسي إسم " السيادة " ، وصفة السيادة مقتضاها أن سلطة الدولة سلطة عليا لا يسود عليها شيئ ولا تخصع لأحد ، ولكن تسمو فوق الجميع وتفرض نفسها على الجميع ) .

وينقل المؤلف مثالاً عن الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز في مجال التدليل على أهمية التنظيم السياسي الذي هو ضد حالة ضد الإضطراب والفوضي ، ومفاد هذا المثال أنه ( قد جرت العادة عندما يموت الملك في فارس في العصور القديمة أن ُيترك الناس خمسة أيام بغير ملك وبغير قانون بحيث تعم الفوضى والإضطراب جميع أنحاء البلاد ، وكان الهدف من وراء ذلك هو أنه بنهاية هذه الأيام الخمسة وبعد أن يصل السلب والنهب والإغتصاب إلى آخر مدى فإن من يبقى منهم على قيد الحياة بعد هذه الفوضى الطاحنة سوف يكون لديهم ولاء حقيقي وصادق للملك الجديد ، إذ تكون التجربة قد علمتهم مدى رعب الحالة التي يكون عليها المجتمع إذا غابت السلطة السياسية ) .

ويبدو أن المثال الفارسي كان له – على قدم عهده – وبشكل ما جاذبية أخاذة لدى نفر من السياسيين والقادة الأمنيين المصريين إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 فعمدوا إلى إفراغ الشارع من قوى الأمن المنوط بها أصلاً حفظ النظام وتطبيق القانون فإنتشر الهرج والمرج وبلغ الحرق والسلب والفوضى غايتها ومنتهاها ، وبات الجميع يعيش على وجل إزاء الفراغ الأمني المتعمد حتى أن بعض من الناس كان يتمنى لو يعود الأمن ولو من خلال السلطة المستبدة حتى وإن كان ذلك على حساب الأهداف التي قامت من أجلها الثورة حقناً وذلك حقناً للدماء وطلباً للسكينة والإطمئنان لهول ما رأوا من فوضى ودمار .

ويمضي المؤلف قائلاً أن ( السلطة السياسية في الماضي كانت تختلف بإختلاف الحكام ، فهم يجسدون هذه السلطة ويمارسونها على أنها إمتياز شخصي يكتسبونه بفضل مواهبهم أو أشخاصهم، ومن هنا كانت العصور القديمة لم تكن تفرق بين الحاكم والسلطة .. غير أن تأسيس السلطة والإنتقال من مرحلة السلطة الشخصية التي يتمتع بها الحاكم على أنها ملك له ومرتبطة بشخصه إلى مرحلة السلطة المجردة التي تجد مصدرها في الجماعة ، هذا الإنتقال لم يتم دفعة واحدة ، فقد كان الحاكم كل شيئ في الجماعة ، يمارس عليها سلطة مطلقة يستمدها من شخصيته أو بسبب ما له من قوة مادية أو ما يتمتع به من شجاعة هيأت له الإستيلاء على السلطة ، وإخضاع الأفراد لنفوذه الذي لا حد له ، ولكن هذا الوضع الذي ساد العصور الوسطى الأوروبية لم يكن من الممكن أن يستمر ) .

يُتبع

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة