2011/03/11

(7) هوى الإستبداد .. شرقي السمات


ملك بروسيا فريدرك الثاني ( الأكبر )
( لقد إنتهيت أنا وشعبي إلى إتفاق يرضينا جميعا ، يقولون ما يشتهون ، وأفعل ما أشتهي )

***
عائلة الطغيان

(2) الإستبداد Despotism

كلمة المستبد مشتقة من الكلمة اليونانية ديسبوتيس Despotes التي تعني (رب الأسرة) أو سيد المنزل أو السيد على عبيده ،ثم خرجت من هذا النطاق الأسري إلى عالم السياسة لكي تطلق على نمط من أنماط الحكم الملكي المطلق الذي تكون فيه سلطة الملك على رعاياه مماثلة لسلطة الأب على أبناء أسرته أو السيد على عبيده ، وهذا الخلط بين وظيفة الأب في الأسرة التي هي مفهوم أخلاقي ووظيفة الملك التي هي مركز سياسي يؤدي في الحال إلى الإستبداد ، ولهذا يستخدمه الحكام عندنا في الشرق للضحك على السذج ، فالحاكم (أب) للجميع ، أو هو (كبير العائلة) ، وهذا يعني أن من حق الحاكم أن يحكم حكماً إستبدادياً ذلك أن الأب لا يجوز أخلاقياً معارضته فقراره مطاع وإحترامه واجب مفروض على الجميع ، والواقع أن الحاكم الذي يبرر حكمه (بأبوته) للمواطنين فإنه يعاملهم كما يعامل الأب أطفاله على أنهم ُقصر غير بالغين أو قادرين على أن يحكموا أنفسهم ، ومن هنا كان من حقه توجيههم ، بل عقابهم إذا إنحرفوا لأنهم لا يعرفون مصلحتهم الحقيقية .

كان الأباطرة البيزنطيون هم أول من أدخل مصطلح (الإستبداد) أو (المستبد) في قاموس السياسة ، إذ كانوا يطلقون لقب المستبد كلقب شرفي يخلعه الإمبراطور على إبنه أو زوج إبنته عند تعيينه حاكماً لإحدى الولايات .. ولكن ظهور مصطلح الإستبداد في قاموس الفكر السياسي في النصف الثاني من القرن 18 يرجع في الواقع إلى الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو الذي جعل الإستبداد أحد الأشكال الأساسية الثلاثة للحكم إلى جانب الحكومتين (الجمهورية والملكية) ، وأدان مونتسكيو الرق والإستعباد بكل صوره وأشكاله وإن إنتهى إلى أن الإستبداد نظام طبيعي بالنسبة للشرق ، وخطر على الغرب .

(3) الديكتاتورية Dictatorship

مصطلح الديكتاتور روماني الأصل، فلقد ظهر أول مرة في عصر الجمهورية الرومانية كمنصب لحاكم يرشحه أحد القناصلة بتزكية من مجلس الشيوخ ، ويتمتع هذا الحاكم بسلطات إستثنائية وتخضع له الدولة والقوات المسلحة بكاملها في أوقات الأزمات المدنية أو العسكرية ولفترة محدودة لا تزيد عادة على ستة أشهر أو سنة على أكثر تقدير ، ولقد كان ذلك إجراءاً دستورياً ، وإن كان يؤدي إلى وقف العمل بالدستور مؤقتاً في فترات الطوارئ البالغة الخطورة ، ومن هنا يتبين أمران أولهما أن هذا المنصب بمفهومه الروماني يختلف إختلافاً تاماً عن مفهوم الديكتاتور في العصر الحديث ، وأقرب مثال يقربنا من وظيفة الديكتاتور الروماني هي ( وظيفة الحاكم العسكري العام ) الذي يعين في أوقات عصيبة تمر بها البلاد بغرض إتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة ولفترة محددة فقط ، أما الأمر الثاني فهو أن طبيعة نظام دولة المدينة في روما كانت تقتضي إتخاذ مثل هذه التدابير الإستثنائية ذلك أن هذا النظام لم يكن يساعد على مواجهة الطوارئ المفاجئة كالغزوات والكوارث والمؤمرات .

أما مصطلح الديكتاتورية في الإستخدام الحديث فهو يعني النظام الحكومي الذي يتولى فيه شخص واحد جميع السلطات وبطريقة غير مشروعة غالباً ، وهو بهذه المثابة لا يكاد يختلف إختلافاً كبيراً عن مصطلح الإستبداد ، وكما أن الطغيان قد يكون لفرد أو جماعة ، فإن الديكتاتورية أيضاً قد ُتطلق على الجماعة كما الفرد وأكثر الأمثلة قرباً لذلك ما ُيسمى ( بديكتاتورية البروليتاريا) أي الطبقة العاملة وهو مصطلح إستخدمه المفكر الروسي كارل ماركس والذي تبناه غيره ممن رأوا حاجتنا إلى ديكتاتورية ثورية ، ولم يوضح ماركس أبداً ما الذي يعنيه بهذا المصطلح فهو أحياناً يتحدث فقط عن (حكم البروليتاريا) ، ثم إتخذ المصطلح فيما بعد دلالات واسعة في الفكر الماركسي ليدل على طبيعة ومشروعية سلطات الدولة خلال فترة التحول من الثورة إلى المجتمع الشيوعي .

ُيتبع

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة