2011/03/10

(6) هوى الإستبداد .. شرقي السمات


الفيلسوف الإنجليزي جون لوك
( يبدأ الطغيان عندما تنتهي سلطة القانون ، أي عند إنتهاك القانون وإلحاق الأذي بالآخرين )

عائلة الطغيان

يقول المؤلف النابه أن أفراد هذه العائلة ( غير الكريمة ) كثيرون ، إذ يبدو أنها هي التي حكمت فترة طويلة من التاريخ ، كما أن كتب التاريخ العظيمة تعطينا إنطباعاً بأن عدد الطغاة والمستبدين يفوق بشكل هائل عدد الحكام الخيرين أو الصالحين ، كما أن هؤلاء الطغاة والمستبدين كانوا دائماً موضوعاً للكراهية والخوف ، ولم يكونوا أبداً موضعاً للحب والإعجاب ، أما أفراد هذه العائلة والمكونة من ( الطغيان - الديكتاتورية - الإستبداد - السلطة المطلقة - الشمولية - الأتوقراطية ) فسنتناولها بقدر من الإيجاز على النحو التالي :-

(1) الطغيان .

الطغيان هو أقدم النظم السياسية عند اليونان وفي الشرق ، ويذكر بطرس البستاني في دائرة معارفه تحت مادة "طاغية" ( ُيقال طغى فلان أي أسرف في الظلم والمعاصي والمراد به هنا من تولى حكماً فإستبد وطغى وتجاوز حدود الإستقامة والعدل تنفيذا لمآربه فيمن تناوله حكمه أو بلغت سلطته إليه ) والواقع أن كلمة الطاغية لم تكت تعني بالضرورة في بداية إستخدامها الحاكم الشرير ، فهي مثلاً في العصور اليونانية القديمة كانت الكلمة التي تعني في بعض إستخداماتها الملك أو الحاكم ، بل قد يُسمى الملك بالطاغية في سياق المديح أو المجاملة حتى بدأت الكلمة تحمل معنىً كريهاً إبتداءاً من الجيل الثاني من طغاة الأغريق وحتى الآن ، وقد كان فلاسفة القرن الرابع قبل الميلاد لاسيما أفلاطون وأرسطو أعلنوا بوضوح حاسم التفرقة بين اللفظين ، فلفظ الملك يُطلق على الحاكم الجيد أو الصالح ، فيما يطلق لفظ الطاغية على الحاكم الفاسد أو الشرير. أما أهم السمات العامة للطغيان التي يمكن إستخلاصها من تاريخ طغاة الأغريق فيما قبل ظهور الفلسفة فتبدو على النحو التالي :-

أولا : الطاغي رجل يصل إلى الحكم بطريق غير مشروع ، كأن يكون قد إغتصب الحكم بالمؤمرات أو الإغتيالات أو القهر أو الغلبة ، فهو كل شخص ما كان له أن يحكم لو سارت الأمور سيراً طبيعياً وهو لهذا كما يقول عبد الرحمن الكواكبي ( يتحكم في شئون الناس بإرادته لا بإرادتهم ، ويحاكمهم بهواه لا بشريعتهم ، ويعلم من نفسه أنه الغاصب والمعتدي فيضع كعب رجله في أفواه ملايين من الناس لسدها عن النطق بالحق ...) .

ثانياً : لا يعترف بقانون أو دستور في البلاد ، بل تصبح إرادته هي التي تحكم، وما يقوله يصبح أمر واجب النفاذ ، وما على المواطنين سوى السمع والطاعة .

ثالثاً : يسخر كل موارد البلاد لإشباع رغباته أو ملذاته أو متعه التي تكون في الأغلب الأعم حسية ، أو تهدف إلى توسيع ملكه وتدعيم ثروته .

رابعاً : يتفرد هذا الحاكم الطاغية بخاصية أساسية في جميع العصور وهي أنه لايخضع للمساءلة أو المحاسبة أو الرقابة ، من هنا ينبغي ألا نندهش عندما نقرأ في كتب التراث مثلاً أن الوليد بن عبد الملك تساءل ذات مرة في عجب ( أيمكن للخليفة أن يُحاسب ؟ ) والسؤال هنا عن الحساب من الله عز وجل ، فدع عنك أن يجرؤ البشر على ذلك .

خامساَ : يقترب الطاغية من التأله ، فهو يرهب الناس بالتعالي والتعاظم ويذلهم بالقهر والقوة وسلب المال حتى لا يجدوا ملجئـاً إلا التزلف له وتملقه ، ولهذا خلع الناس على الطاغية صفات الله كـ ( ولي النعم ) ( والعظيم الشأن ) ، ( والجليل القدر ) .

يُتبع

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة