2007/02/14

هوجو شافيز .. ذلك الرجل

صباح هذا اليوم سمعت تقريراً خفيفاً بإذاعة البي بي سي البريطانية ( القسم العربي ) مفاده قيام الرئيس الفنزويلي / هوجو شافيز بخوض تجربة قديمة جديدة حيث أنه سيطل على مواطنيه صباح كل يوم عن طريق بث حي لمدة تسعون دقيقة لا أذكر الآن إن كان إذاعياً أم تليفزيونياً حيث سيتحدث من خلاله عن سياسة حكومته والشأن الفنزويلي العام .

إلى هنا والخبر قد يبدو عادياً وإنما المفارقة تكمن في أن شافيز سيتلقي مكالمات على الهواء مباشرة من مواطنيه ممن لديهم مشاكل أو صعوبات ما حيث ُيفترض به أن يقوم بالعمل على حلها على الهواء بالتنسيق مع الجهات المعنية بالدولة ، هذه الخبر الذي قد يمر سريعاً قد أصابني بدهشة حقيقية مردها إلى أنني ربما أنتمي إلى عوالم لا تعترف بالتواصل ما بين الحاكم والمحكوم من أي نوع إلا من خلال قوانين سيئة السمعة وتشريعات مكبلة للحرية وغيرها ، وبالتالي فإن دهشتي مازالت قائمة على أساس أن هذا التواصل هو من قبيل الترف الفكري الذي لا نقدر بحكم إنتمائنا الجغرافي على مجرد التفكير به في أكثر أحلامنا جمالاً .

وقد يقول قائل أن الطبيعة العملية لمهام وإرتباطات الحكام تحول دون هذا التواصل هكذا على الهواء مباشرة إذ أن وزارات الدولة وأجهزتها المعنية لها من الصلاحيات والإختصاصات ما يعينها على حل مشاكل المواطنين والسهر على كافة أحوالهم ، وبالتالي فإنه أمر كهذا يدخل في صميم عملها وأنه لا حاجة عملية لإقحام الحاكم في مثل هذه الأمور الذي يتعين عليه التفرغ لإدارة شئون البلاد العليا ، وقد يبدو هذه الأمر صحيحاً ومنطقياً من الناحية العملية ولكن ذلك مرهون بكون الأجهزة التنفيذية بالدولة تقوم بمهامها خير قيام وبالشكل الذي ينص عليه القانون ، ولكن في ظل الترهل الإداري ، وغياب الضمير ، وإنعدام روح التحلي بالمسئولية فإن المواطن سيكون عرضة لا محالة لأنواء الفساد ورياح الرغبة في اللا إنتماء لبلده .

كما أن هناك سنة حميدة متبعة أيضاً في الولايات المتحدة تتمثل في الخطاب الأسبوعي القصير الذي يلقيه الرئيس على مسامع ماوطنيه وبشكل منتظم والذي يعالج كافة القضايا التي تشغل بالهم هناك وبالتالي يشعر المواطنون على إختلاف همومهم وإنتمائتهم الثقافية بأن رئيسهم قريب منهم ومن مشاكلهم ويتناولها ببحثه أولاً بأول ويقترح لها حلولاً ، أما خطابات حكامنا فحدث ولا حرج فهي خطابات تاريخية كما توصف دائما ولا أدرى ما سر هذا الوصف ؟ وهل يرجع الأصل في تسميتها إلى أنها تقال عادة في مناسبات موسمية وقومية أم لأنها تحوى من العظات وآيات البيان وحلول المعضلات ما لم يأت به الأوائل ؟ هذا ناهيك بالطبع عن كونها خطابات مملة سمجة لا تكسو عارياً ولا تطعم جائعاً ولا تؤمن خائفا ، على كل حال فإن تجربة الرئيس شافيز هذه هي تجربة فريدة حقاً لا نملك حيالها سوى أن نهنئه عليها ونهنىء شعبه بها ولا عزاء لأمثالنا ، فلسنا من سكان أمريكا اللاتينية على الأقل حتى الآن .

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة