2011/09/24

حلول مرحة !


ونستون تشرشل
رئيس وزارء بريطانيا الراحل
1874 - 1965 م

( المدخن الشره الذي يقرأ كثيراً عن مخاطر التدخين 
لابد أن يقلع يوماً عن القراءة )

بقلم : ياسر حجاج
إذن فهناك لدينا دائماً وسيلة للهروب من المواجهة ، ولدينا صبر لا بأس به على التبرير ، ولدينا مقدرة فائقة على الدفاع عن خياراتنا الخاطئة ، وبمرور الوقت ولعوامل من بينها التكرار ، تترسخ شيئاً فشيئاً المتغيرات فتصبح ثوابت ، وتضحى فكرة التغيير عصية أكثر من أي وقت مضى ، وعليه فإننا إما أقلعنا أو مازلنا نقلع عن كل ما من شأنه أن يثير أدنى زوبعة في فنجان قهوتنا الصباحي المصحوب بسيجارة أمريكية الصنع ، أيا ما كانت التحذيرات من آثار التدخين وتأثيرات الكافيين .

وبصفتي مدخناً - عافانا الله وإياكم - كان لدي فكرة هلامية عن التحذيرات الطبية لمخاطر التدخين والمكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية وبوضوح فج على علب الدخان ، وكنت أقول في نفسي .. حسنا .. هذه التحذيرات لم يكتبها سوى أطباء - لا ضمير لهم - يقبضون رواتبهم من الشركات المصنعة للدخان ، ذلك أن هذه الشركات - حسب تحليلي التآمري المرح - هي ذاتها الشركات المصنعة لبعض أنواع من الأدوية والحبوب التي تعيد تأهيل المدخن نفسياً وجسدياً لمرحلة ما بعد الإقلاع عن التدخين ، فإن خسرت شركات الدخان عميلاً مدخناً ، كسبته مرة أخرى كزبوناً صالحاً لمنتجها الطبي الجديد ، وبالتالي فستبقى أرباحها في مستواه المعهود أياً كان مؤشر عدد المدخنين أو المقلعين .

وإذا لم يكن المدخنون بالصلاح المأمول وظلوا على عادة التدخين فإن ذات الشركات ومن باب المماحكة تنتج لهم معجون أسنان خاص لإزالة إصفرار الأسنان مع إسبراي معطر لرائحة الفم ، وإذا كان المدخن في منزلة بين المنزلتين (الطلاح - الصلاح ) فإن عين الشركات هي ما تنتج له بعض ألوان (العلكة) التي من شأنها - عند مضغها - تقليل الإحساس بالرغبة في التدخين .

ومما سمعته في بدايات إستخدام الحاسوب أن الشركات المصنعة لبرامج التشغيل هي ذاتها - أو من وراء حجاب - من تقوم في الوقت ذاته بصناعة أنواع عديدة من الفيروسات التي تأكل حاسوبك لحماً وتتركه لك عظماً ، ثم تعيد بيعك لاحقاً برامج لمكافحة الفيروسات ، وهكذا دواليك ، فلست وحدي من يشعر بالتآمر هنا .


بالعودة إلى مقولة تشرشل فإننا نجدها صادقة تماماً ، إذ تضعنا أمام مرآة الحقيقة لنرى بوضوح ليس فقط الخطأ الذي وقعنا فيه ، وإنما الخطأ الأكبر في معالجتنا إياه ، فأنا مثلاً أشعر بالإنزعاج الشديد من صوت المنبه الصباحي بهاتفي النقال الذي يشير إلى وجوب الإستيقاظ ورفع الوسائد من فوق رأسي ، والإستعداد للذهاب للعمل ... لحل هذه المشكلة - وبدلاً من النوم مبكراً - بدأت أفكر جدياً في التقاعد .

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة