2014/12/10

أوقفوا النزيف أولاً !

T Jefferson by Charles Willson Peale 1791 2.jpg
توماس جفرسون
الرئيس الثالث للولايات المتحدة الأمريكية

إذا نشب الحريق في بيتنا فعلينا محاولة إطفائه دون
السؤال عما إذا كان نشب من الداخل أو من الخارج

عزيزي .. عزيزتي

هذه المقولة - على لطافتها - تحث وبجدية على وجوب ترتيب الأولويات في حياتنا ، سواء على المستوى الشخصي أو المجتمعي ، بل وحتى في إطار العلاقات بين الأفراد .
إن معظم الإرتباك الحادث داخلنا ومن حولنا ، إنما مرجعه أن شخصاً ما ، وإن شئتم فجهة ما ، قد إنشغلت دون داعٍ حقيقي - لازم -  بالتفاصيل الدنيا دون إلتفات إلى القصوى منها ، والتي يلزم أن يتوجه لها - في لحظة معينة - جل الإهتمام والعناية أولاً ، ثم يأتي من بعد ذلك البحث في الملابسات والأسباب وطرق العلاج ، إن المعالجة السريعة للتداعيات التي تنشأ عن واقعة أو حدث ما يخفف وبشكل إيجابي معقول من الأثار المترتبة عليه ، بل أنه يقوم بحصارها في أضيق نطاق ممكن فلا تمتد هذه الأثار إلى حدود يصعب - ربما - التحكم بها .

إن ترتيب الأولويات في حياتنا لا ينبغي أن يكون قاصراً أبداً على جليل الأحداث ، أو كبير الملمات ، وإنما يتعين أن يكون شاملاً وعاماً وفي كافة المناحي حتى يغدو أسلوباً للتفكير قبل أن يكون منهجاً للعمل ، وإذا كان العقل سابق على الحركة ، فلا يتعين أن يكون رد الفعل سابق على التدبر ، وهذا أمر في غاية الأهمية .

من ناحية أخرى ، فإن هذه المقولة قد يراها البعض نظرية جداً ، بل ومترفة جداً ، ولعلها - في ظنهم - تتجاهل صدمة الحدث ، ومفاجأة الواقع ، ولكن فلنتذكر جيداً أن كل عمل جاد وحقيقي في هذه الحياة قُدر له أن يبقى ، ويغدو مثلاً لسواه من الأعمال ، لم يكن في البدء سوى نظريُ جداً ، ولعله كان مترفاً جداً أيضاً .

فلنخض التجربة ، ولا نصادر على المطلوب ، فدعونا نجرب ( فقه الأولويات ) هذا على صغير الأحداث التي تمر بنا يومياً ، وأن نتعهد أنفسنا بهذا التجريب حتى نغدو - مع مرور الوقت - ذوي ثقافة متجذرة مبنية على قاعدة ( وقف النزيف أولاً ) ، متمنياً بالطبع ألا تمتحن الأقدارُ أحداً منا ، فيفاجئ بسقوط رجل من برج شاهق عند موضع قدميه ، فينشغل عن طلب الإسعاف ، بالنظر إلى أعلى لحساب مستوى الإرتفاع الذي سقط منه صاحبنا .

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة