2014/12/27

لا .. يا عزيزتي فينوس





عزيزتي / فينوس
تحية طيبة ،، وبعد

( أنتِ تسبقينني بخطوات ) !
عبارة لطالما رددتها لكِ وأنتِ غض صغيرة ، لمحتُ بها حيناً ، وصرحتُ بها أحياناً ، فسرعة إيقاعكِ ، وبُطء حركتي قد حالا كثيراً دون وقوفنا معاً في منتصف المسافات ، ولعلك تذكرين أنه عند بدايات الإنطلاق ، ما كان لعازف عود أن يجاري عازفة على أنغام الجاز ، فعملتُ - جهدي- على تهذيب أوتار مشدودة ، وتهدئة روع ألحان صاخبة ، فما كان منكِ طوال الوقت إلا الرقص حول النور والنار ، بينما كان شغلي هو الإبتعاد قدر الإمكان عن بؤر التوتر ومواضع الإشتعال ، فلقد كان من شأنيَ التوسط ، وأبيتي - ومازلتِ - إلا أن تقفين على حافة المنحدرات الأمر الذي أذن مرات كثيرة بالسقوط في أتون الشموس الحارقة .

 نعم .. فنحن إذن من مدرستين مختلفتين أيما إختلاف ، مدرسة تتعجل ظهور النتائج تمثلينها أنتِ ، ومدرسة تُعنى بالتصوص والمقدمات أمثلها أنا ، وكما ترين فإنهما بمثابة خطين متوازيين ، صحيح أنهما قد يسيران جنباً إلى جنب طويلاً ، لكن دون أن تجمعهما نقطة ما ، في مكان ما ، وذلك لإختلاف السرعات ، وتباين نقاط البدء ، وخطوط النهايات ، ولعلي الآن أكثر إيضاحاً لكِ ، فما أقوله ليس سوى ولوج صريح إلى صلب الموضوع ، دون أدنى مواربة أو تواري خلف الكلمات .

والآن .. إلى عنوان رسالتك الأخيرة لي أول أمس ، والتي حملت ألقاً لا يقل إثارة عن صاحبة الرسالة ، يا الله ( المسيح .. يُصلب من جديد ) !! . فمن ترينـهُ يا تُرى صاحب الجرم ، وسفاكُ الدم هذه المرة ؟ أهو أنا ؟ .
ما أحسبك إلا تمزحين مزحتين ، مزحة تاريخية لم يقم عليها دليل ، ومزحة معاصرة ثقيلة أملتها إعتبارات درامية واكبت ردات فعلك المتهورة على نحوها المعهود ، فيا عزيزتي - ودون التطرق إلى شئون الإيمان والإعتقاد الذي أقحمتيه إقحاماُ في هذه الرسالة - من لم يُصلب أولاً ، كيف لك أن يُصلب ثانياً ؟ ، ولقد كان حري بكِ الإبتعاد عن وصف الأمر بما ليس فيه ، ولا أن تلبسيه ثوباً فضفاضاً ، فيبدو على هذه الشاكلة من الفوضي والرثاء ، ولكنها المشاعر إذا تطرفت ، وجاوزت حد الإعتدال .

من ناحية أخرى وإذا أسقطنا عنوان رسالتكِ على واقع الحال ، والذي وجدتيه ربما معبراً عن الأسى الذي ألم بك جراء رسالتي ، فإنه – أي العنوان - سيبين كم كان مجافياً للحقيقة ، وبه تزيد غير مفهوم ، فأنا لم أتعود يوماً على أن أنالكِ بأذى ، غاية الأمر أنني أعرف الحدود التي يجب عليِّ أن أقف عندها ، وعدم تجاوزها بحال ، الأمر الذي كان دوماً محل تبرمكِ وتململكِ ، وكنتُ أسوس الأمر على قاعدة أنه ( إذا كان نصفنا مجنوناً ، فليكن نصفنا الآخر عاقلاً ) ، وبين شد وجذب ، وإقدام وإحجام عبر أكثر من عقدين نجحتُ بطريقتي في الحفاظِ على صمود النصف العاقل منا ، إلا أن عنادكِ ومكابرتكِ يأبيان إلا أن ننخرط معاً في دوامة من اللا معقول ، واللا مفهوم أحياناً .

عزيزتي .. لا أكاد أستوعب حقاً هذه الثرثرة الفارغة ، ولم يعد لديِّ جلد على إحتمالها ، أو تجشم مشقات وعناءات الرد عليها ، وبدلاً من ذلك فإنشغلي بتدبر ما كان ، وما عساه يكون ، وإعلمي أن هذه خاتمة المطاف ، ونقطة في نهاية ما مضى من سطور ، ولن يعقبها فقرة جديدة من القيل والقال ، فدعي يا عزيزتي الأيام تمر مرور الكرام بيِّ وبكِ ، فما القادم منها بأرحب مما مضى ، فلستُ بقادر على مواصلة العدو واللهاث ، وأرجوا في الختام أن يكون في هذا الكفاية .. والسلام .

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة