عزيزتي /
فينوس
تحية طيبة
،،
وبعد
( أنتِ تسبقينني بخطوات ) !
عبارة
لطالما رددتها لكِ وأنتِ غض صغيرة ، لمحتُ بها حيناً ، وصرحتُ بها أحياناً ، فسرعة
إيقاعكِ ، وبُطء حركتي قد حالا كثيراً دون وقوفنا معاً في منتصف المسافات ، ولعلك
تذكرين أنه عند بدايات الإنطلاق ، ما كان لعازف عود أن يجاري عازفة على أنغام
الجاز ، فعملتُ - جهدي- على تهذيب أوتار مشدودة ، وتهدئة روع ألحان صاخبة ، فما
كان منكِ طوال الوقت إلا الرقص حول النور والنار ، بينما كان شغلي هو الإبتعاد قدر
الإمكان عن بؤر التوتر ومواضع الإشتعال ، فلقد كان من شأنيَ التوسط ، وأبيتي -
ومازلتِ - إلا أن تقفين على حافة المنحدرات الأمر الذي أذن مرات كثيرة بالسقوط في
أتون الشموس الحارقة .
نعم
.. فنحن إذن من مدرستين مختلفتين أيما إختلاف ، مدرسة تتعجل ظهور النتائج تمثلينها
أنتِ ، ومدرسة تُعنى بالتصوص والمقدمات أمثلها أنا ، وكما ترين فإنهما بمثابة خطين
متوازيين ، صحيح أنهما قد يسيران جنباً إلى جنب طويلاً ، لكن دون أن تجمعهما نقطة
ما ، في مكان ما ، وذلك لإختلاف السرعات ، وتباين نقاط البدء ، وخطوط النهايات ،
ولعلي الآن أكثر إيضاحاً لكِ ، فما أقوله ليس سوى ولوج صريح إلى صلب الموضوع ، دون
أدنى مواربة أو تواري خلف الكلمات .
والآن
.. إلى عنوان رسالتك الأخيرة لي أول أمس ، والتي حملت ألقاً لا يقل إثارة عن صاحبة
الرسالة ، يا الله ( المسيح .. يُصلب من جديد ) !! . فمن ترينـهُ يا تُرى صاحب الجرم ،
وسفاكُ الدم هذه المرة ؟ أهو أنا ؟ .
ما
أحسبك إلا تمزحين مزحتين ، مزحة تاريخية لم يقم عليها دليل ، ومزحة معاصرة ثقيلة
أملتها إعتبارات درامية واكبت ردات فعلك المتهورة على نحوها المعهود ، فيا عزيزتي -
ودون التطرق إلى شئون الإيمان والإعتقاد الذي أقحمتيه إقحاماُ في هذه الرسالة - من
لم يُصلب أولاً ، كيف لك أن يُصلب ثانياً ؟ ، ولقد كان حري بكِ الإبتعاد عن وصف
الأمر بما ليس فيه ، ولا أن تلبسيه ثوباً فضفاضاً ، فيبدو على هذه الشاكلة من
الفوضي والرثاء ، ولكنها المشاعر إذا تطرفت ، وجاوزت حد الإعتدال .
من
ناحية أخرى وإذا أسقطنا عنوان رسالتكِ على واقع الحال ، والذي وجدتيه ربما معبراً
عن الأسى الذي ألم بك جراء رسالتي ، فإنه – أي العنوان - سيبين كم كان مجافياً
للحقيقة ، وبه تزيد غير مفهوم ، فأنا لم أتعود يوماً على أن أنالكِ بأذى ، غاية
الأمر أنني أعرف الحدود التي يجب عليِّ أن أقف عندها ، وعدم تجاوزها بحال ، الأمر
الذي كان دوماً محل تبرمكِ وتململكِ ، وكنتُ أسوس الأمر على قاعدة أنه ( إذا كان
نصفنا مجنوناً ، فليكن نصفنا الآخر عاقلاً ) ، وبين شد وجذب ، وإقدام وإحجام عبر
أكثر من عقدين نجحتُ بطريقتي في الحفاظِ على صمود النصف العاقل منا ، إلا أن عنادكِ
ومكابرتكِ يأبيان إلا أن ننخرط معاً في دوامة من اللا معقول ، واللا مفهوم أحياناً
.
عزيزتي
.. لا أكاد أستوعب حقاً هذه الثرثرة الفارغة ، ولم يعد لديِّ جلد على إحتمالها ،
أو تجشم مشقات وعناءات الرد عليها ، وبدلاً من ذلك فإنشغلي بتدبر ما كان ، وما
عساه يكون ، وإعلمي أن هذه خاتمة المطاف ، ونقطة في نهاية ما مضى من سطور ، ولن
يعقبها فقرة جديدة من القيل والقال ، فدعي يا عزيزتي الأيام تمر مرور الكرام بيِّ
وبكِ ، فما القادم منها بأرحب مما مضى ، فلستُ بقادر على مواصلة العدو واللهاث ، وأرجوا
في الختام أن يكون في هذا الكفاية .. والسلام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق