2007/04/17

2- شيعة وسنة ... لماذا ؟

تجاوزت صدمة الأمس وعزمت على الذهاب في رحلة إلى المكتبات في اليوم التالي لسد ثقوب جهلي التي تبدت ليً بلا مواربة ، يممت وجهي صوب إحدى المكتبات العامرة بكتب التراث والتاريخ الإسلامي وبنظرة سريعة على أرفف الكتب أدركت أن بغيتي ليست هنا ، ولكنني قلت لا بأس من سؤال مدير المكتبة لعل وعسى ، وبينما كان صاحبنا منشغلاً في إعداد فاتورة شراء بعض الكتب لأحد الزبائن من مواطني هذا البلد ، وبينما كانت نظارته الطبية منزلقة إلى طرف أنفه تقريباً حتى نظر إلي من فوقها وسائلني بعينيه عن بغيتي .. قلت له : هل عندكم كتب أو مراجع عن الشيعة الإمامية أو ........ ؟ وأتذكر أنني لم أكمل سؤالي حتى جاءتني إجابته على نحو حاسم : نحن لا نبيع مثل هذه الكتب هنا وحول عينيه عني وإنشغل في فاتورته ، وكان صوته مرتفعاً قليلاً إلى الحد جعلني أعتقد أنه يبعث برسالة ما لرواد المكتبة أنه لا يتعاطى هذا النوع من الثقافة في مكتبته ، أو كأنه يبرىء ذمته من شيء ما ، ويبدو أنه أدرك لاحقاً كم الحرج الذي أصابني من جراء إجابته لي على هذا النحو الحاد وعلى مسمع من رواد المكتبة ، حاولت مداراة خجلي بطواف سريع على أمهات الكتب التي تحتل أرفف المكتبة في شموخ ُينبىء عن الكنوز التي تحتويها .. ومازالت حمرة الخجل مستقرة على وجهي رغم أنني حاولت أن أبدو منشغلاً ومنهمكاً في تقصى أطراف كتب المكتبة .

بعد قليل ترك مدير المكتبة مكانه وتبعني متودداً هذه المرة وبصوت بدا لي خافتاً به نبرة المعتذر وقال لي في لهجة عطوفة لا تخلو من جدية ماذا تريد من كتب الشيعة الإمامية يا أخي ؟ قلت له أني مهتم بالقراءة في هذا المذهب هذه الآونة .. قال أن بوسعه تدبير بعض الكتب لي .. تركني ونزل إلى سرداب المكتبة وأحضر لي بعض الكتب القديمة ذوات الأوراق المصفرة التي يعلوها الغبار وبدأ يشرح لي مزايا كل كتاب وترجمة دقيقة لمؤلفه حيث كان الكتاب جميعهم من أهل السنة وأكد لي أن هذه الكتب غير متداولة في الأسواق للصدى والدوي الذي أحدثته عند نشرها ، ولما قلت له أني أريد كتب بأقلام الشيعة أنفسهم ، قال لي إذن من المستحسن أن تذهب إلى مكتباتهم وأنني بالتالي الآن في المكان الخطأ ، ولما بدا لي أن الرجل على وشك الإرتياب بي وجدت أنه من المناسب أن أدفع عن نفسي جريرة لم ُأتهم بها ، فقلت له أنني سني المذهب على أي حال ، وودت فقط أن أطالع كتب القوم بأقلامهم للوقوف على حقيقة مذهبهم حسبما يرونه ويعتقدونه ويؤمنون به .. ولا أدري في الواقع إن كنت قد أفلحت في أن أدفع نفسي الريب التي تبدت في عيون صاحبنا من أنني على وشك التشيع أو شيئاً من هذا القبيل ، ووجدته ينظر إلي مباشرة متجاوزاً حدود نظارته ، وقال لي لا بأس .. في النهاية أفلحت في الحصول منه على عناوين لبعض المكتاب الشيعية ، وترك المكتبة منصرفاً مع وعد مني بالزيارة مجدداً .. في هذا اليوم فقط أدركت - وقبل قراءة أي شيء - مدى وعمق الهوة التي تفصل بين الفريقين ( الشيعة والسنة ) ، ولكني تشجعت على خوض التجربة للنهاية .. قلت في نفسي اليوم في مكتبة سنية ، وغداً في مكتبة شيعية .. لا بأس .. مرحباً أيها التاريخ ! وتفكرت قليلاً وعزمت أنه - وتحاشياً لمزيد من الحرج الذي وقت فيه على مدار يومين متتاليين - فإنه من الأفضل لي ألا أرتاد مكتبة شيعية بشكل مباشر ولكن سألجها مستتراً أي من بابها الخلفي

يُتبع

هناك 3 تعليقات:

layal يقول...

ابو البنات
هل من الممكن ان تذكر اسماء الكتب السنيه عن الشيعه؟؟
وما قرأته للطرف الاخر

وهذه الطريقه التي تعرضت لها تبين عدم قدرة البعض علي تفهم وجهات النظر- فمجرد الرغبه في معرفه الاخر لا تعني الميل لخطه

البنات حسنات يقول...

أرجوا ألا تكونين قد تورطتي في سرعة الرد أو كونتي فكرة مسبقة قبل إنتهاء مجموعة التدوينات ، في الحقيقة كنت أعتزم نشر قائمة الكتب بالفعل ، أو التعرض لها في سياق التدوينات ، فمهلاً يا ليال ... وفي الحقيقة لم أفهم مغزى السطرين الأخيرين من تعقيبك أو بالأحرى لا أريد القفز إلى إستنتاجات ... مع خالص التحية والمودة

layal يقول...

ما عنيته
هو ما حدث لك حين حاولت التعرف علي الاخر
فقد اعتقد انك تميل لاتباع نهجه

اعذرني ان كان بردي اي تسرع لم اتقصده
تحياتي

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة