2007/04/21

5- شيعة وسنة ... لماذا ؟

تواصلت لقاءاتي مع صديقي المهذب وزميلتي في العمل على نحو ما تقدم ذكره في التدوينات السابقة وذلك لبضع سنوات في شكل لقاءات وحلقات نقاش بسيطة يغلب عليها الأحاديث الودودة الهادئة أكثر من كونها لقاءات فكرية جادة أوعميقة فيما يخص المذهب الشيعي ، ويبدو أنني كنت حريصاً على ألا تتجاوز علاقتي بهما هذا الحد لأنهما كانا معاً يشكلان الواجهة الإنسانية الوحيدة لي للفكر الشيعي ولو من بابه الضيق ، ولم أكن أرغب بالتالي في أن ُأضحي بهذه الواجهة بسهولة لو ُقدر لهذا النقاش أن يخرج عن حدوده المعقولة ، وأذكر كذلك أن كل منا كان يحاول تجنب إستخدام المفردات الحادة أو الأراء المفرطة في صراحتها تجاه المذهب الذي ينتمي إليه كل منا ، وهذه ُسنة رأيتها حميدة في حينه تأسيساً على القاعدة الذهبية القائلة { فلنتعاون على ما إتفقنا عليه ، وليعذر بعضنا بعضاً فيما إختلفنا فيه } ، ومن ناحيتي دأبت على التسلح - إن جاز ليً التعبير- بقراءات خاصة بي بعيداً عن مناهج الكتب التي كانوا يقومان بإهدائها لي بين الفينة والأخرى ، ولا أدري لما شعرت بالإرتياب إزاء هذا الإهداء المتكرر لمجموعة من الكتب والمراجع والكتيبات ، ولكني لم أقف عند أمر ذلك الإرتياب كثيراً إذ أن طبيعة الشك أو التشكك وأخذ الأمورعلى غير محاملها الظاهرة تشكل العنوان الرئيسي لطبيعة عملي كمحام ، فلا شيء مسلم به إلا بعد المراجعة والتدقيق .. فلندع الإرتياب إذن جانباً الآن .. أذكر كذلك أنني كنت حريصاً على ألا ُأطلعهما على مضمون ما أقرأ من كتب أنتقيها بنفسي لأن هذه النوعية من الكتب كان ستصدمهما لا محالة لما فيها من أراء حادة ، ومربكة للغاية لنهج الصداقة التي كانت تجمعنا والتي حرص كل منا بشكل أو بآخر ألا يعكر أحد صفوها أياً كان الداعي وراء ذلك ، لا سيما وأن صديقي الخلوق هذا كان كثيراً ما يردد فكرة وردية حالمة ولكني رأيتها مبتسرة ومفادها أن الخلاف بين الشيعة والسنة لا يختلف في مداه وجوهره عن مدى وجوهر الخلاف الدائر بين أصحاب المذاهب السنية الأربعة المعروفة فيما بين بعضهم البعض ، وهذه الفكرة المتسرعة كانت تختصر حسب رأيي وبسطحية عجيبة أربع عشرة قرناً من الخلافات والقصف المتبادل بين كلا المذهبين من الناحية الفكرية وغيرها ، وقد يكون مبعث هذا القول منه محاولة - ذات نية حسنة أو أمنية عزيزة ربما - للقفز على الجفوة التاريخية بين الفريقين والتي تسببت في ضياع علماً وفكراً وتراثاً فكرياً وفقهياً على الأمة لا ُيقدر بثمن نتيجة التأويلات الفكرية المغرضة بل والعبثية أحياناً علاوة على التفسيرات المجتزئة ، وفي نفس الوقت رأيت وبعد طول إطلاع أنه ليس أشق على المرء من أن يحاول الوقوف على هذه الخلافات أو الشوائب أو حتى محاولة حصرها ، فالأمر أشبه بالسير في حقلاً للألغام لا ُتعرف خارطته ، ولا توجد موانع أو مضادات فكرية معقولة له لاسيما لهذا الصنف غير المتخصص مثل العبد لله ، وإن كان من الممكن بالطبع الوقوف على بعض معالم هذه الخلافات وسماتها الظاهرة ، والغريب أن هذه الخلافات ليست في كثير منها محل إجماع لدى الفريق الواحد من كلا المذهبين ، فالإختلاف قد طال حتى أصل النشأة المذهبية التاريخية للشيعة بل وأصل التسمية أحياناً ، وظل الأمر على هذه الوتيرة الهادئة فيما بيني من ناحية وبين صديقى وزميلتي من ناحية أخرى إلى أن أتى اليوم الذي أصبحت فيه هذه الصداقة والزمالة على المحك عندما طرحت عليهما سؤالاً من شقين بدا لي وكأنه نقطة في نهاية السطر

يُتبع

هناك تعليق واحد:

medad يقول...

السلام عليكم

في انتظار البقية..

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة