2007/03/17

2- القراءة فنون

يقول موروا أنه من الواجب أن نحسن إختيار غذائنا الأدبي ، فكل ذهن في حاجة إلى غذائه الخاص ، ومن ثم فعلينا أن نتبين أي المؤلفين ُنؤثر على غيرهم ، وخليق بنا أن نقبل على القراءة بالرزانة والعناية والمهابة والإستغراق ، فليس من القراءة في شيء أن نقرأ صفحة ثم ننهض للرد على " التليفون " أو أن نختار كتاب جزافاً ، بينما أذهاننا شاردة في أفق آخر ثم ندعه جانباً لليوم التالي ، إنما القارىء الصادق هو ذلك الذي يفرد الليالي الطوال يخلو فيها إلى ما يقرأ وهو والذي يخصص أمسية لمؤلف يعجب به ، وهو الذي يرتاح إلى رحلة طويلة بالقطار مثلاً ، لأن خلوة القطار تتيح له فرصة قراءة رواية كاملة من روايات بلزاك أو ستندال ، وهو الذي يستشعر في إعادة تلاوة عبارة أو فقرة جميلة عين النشوة التي يستشعرها عاشق الموسيقى حين ينصت إلى لحن حبيب ، ويمضي موروا مردفاً أن عليك أن تؤهل نفسك لتكون جديراً بالكتب الجليلة ، إذ أن إستمتاعك بها يتوقف على ظروفك الراهنة ، فتحليل العواطف ووصفها مثلاً لا يهم سوى أولئك الذين خبروها ، أو الشباب الذين يترقبون إزدهار مشاعرهم في أمل وحنين ، وليس أبلغ تأثيراً في النفس من رؤية شاب لم يكن يطيق في العام الماضي سوى قصص المغامرات ، فإذا به يغرم فجأة بقصة انا كارنينا ، بعد أن أهتدى إلى ما في الحب من مباهج وآلام ، وبينما نرى كبار الرجال العاملين يحبون أشعار كبلينج ، إذا بكبار رجال السياسة يغرمون بمؤلفات تاسيتس وريتز . وهكذا .... فإن فن المطالعة والقراءة هو - إلى حد كبير- فن تهذيب فهم الحياة على الأضواء التي يصادفها الإنسان في الكتب
إنتهى

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة