2007/03/12

7- فن العمل للرجل والمرأة

يمضي أندريه موروا في مؤانسته لنا فيقول أن العمل مع أصحاب المناصب الكبيرة يجعل الناشئين الذين لم يتعودوا المسئوليات والسلطان ولم يمارسوا إصدار الأوامرأن يكونوا على إتصال وثيق بمداولات وقرارات غاية في الأهمية ، والكتمان في مثل هذه الظروف ضرورة لازمة ، إذ أن الشاب أو الشابة الذي يستخفه الزهو قد يجد في إتصاله بالأمور الهامة ما يغريه على أن يتباهى على أصدقائه بأن يروي لهم ما يؤديه من أعمال في حين أن طبيعة واجبه تستلزم عدم الكلام عنها ... إن مثل هذا النزق قد تتأتى عنه شرور لا عداد لها ، مع أن في التكتم وصيانة الأسرار متعة لا تقل عن متعة الكلام والزهو ، فليس أبعث على الإعتزاز من أن يكون المرء مستودع الثقة وأن يعرف الحقائق ولكنه يخفي ما يعلم ، ولقد كانت مدام ريكامييه ذات براعة رائعة في هذا المجال ، فقد أتى عليها وقت كانت تتلقى فيه أسرار زعماء الأحزاب المتعارضة ، بل كانت تظفر أحياناً بثقة رجلين يتنازعان منصباً واحداً ، أو تنصت إلى أسرار مؤلف وناقديه .. فكانت تصغي وتبدي العطف وتبتسم وتتحدث أحياناً عن الشخص أمام غريمه إذا دعا الأمر ، ولكنها قط لم تش بسر أحد


ومن واجب المساعد أو المرؤوس أن لا يقتصر على توفير البيانات التي يطلب إليه جمعها ، بل عليه أن يجمع البيانات التي قد تلزم فيما بعد ، فيجب عليه أن يسبق أفكار رئيسه ويمهد الطريق لتنفيذها ويبدد الهواجس التي لا داعي لها ويسوي المسائل البسيطة من تلقاء نفسه ، ويبسط الإجراءات اللازمة التي تحوط كل ذوي المراكز الهامة ... والسكرتيرة الكفء المقتدرة هي أكمل مساعد لرئيسها إذ أن دورها لا يقتصر على تلقي ما يُملى عليها وطباعة الرسائل بل أنه يتطلب أيضاً أن ترتب وتنسق ردود الخطابات ، وأن تذكر العناوين وأن تجعل من نفسها دليلاً متحركاً أو أرشيفاً لرئيسها ، وبالإختصار فإنها يجب أن تكون لها كل فضائل رئيس الإدارة والمرأة معاً .. فهي كإمرأة تمتاز ببديهة غريزية لماحة تمكنها من أن تشعر رؤسائها بأنها تحترم إعتدادهم بأنفسهم ، ومن أن تبسط حول مكتبها جواً ترتاح إليه النفوس ... وعليها في الوقت ذاته أن لا تبرز أنوثتها ، إذ أن العمل قد يرتبك إذا ما فطن أحد رؤسائها إلى هذه الأنوثة أكثر مما ينبغي ، ومن ثم لابد لها من الإحتفاظ بالتوازن بين شخصيتها كإمرأة وشخصيتها كموظفة ، وإن كان هذا التوازن شاقاً صعباً في كثير من الأحوال

يتبع

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة