2007/03/12

6- فن العمل للرجل والمرأة

العلاقة بين المرؤوس ورئيسه

يقول أندريه موروا أنه إذا كنا تحدثنا عن أولئك الذين يختارون أعمالهم إختياراً ، ويمتعون بحرية أدائها أو تركها ، ومن ثم يقع عليهم عبء تنظيم أنفسهم لأن أحداً غيرهم لن يتولى عنهم هذا التنظيم ، فإنه خليق بنا الآن أن نذكر شيئاً عن أولئك الذين ليسوا بمبتدعين ولا قادة ولا زعماء ، وإنما كل عملهم أن يساعدوا أفراد الفريق الأول ويقدموا إليهم المعونة ، ومن هؤلاء رؤساء أركان الحرب ، ورؤساء الإدارات وموظفي السكرتارية الذين يُعهد إليهم بمجموعة خاصة من الإجراءات والأوامر التي يجب أن تُتبع بدقة حتى لا تعترض الصعاب أولئك الذين يقتضيهم واجبهم فرض تلك الأوامر ، وهذا يتطلب خصالاً خاصة ، فالرجل الذي يعمل مع غيره تحت أوامر ونظم معينة يجب أن يكون مجرداً من الزهو والخيلاء ، فهو إن كان ذا إرادة مفرطة القوة إصطدمت أراؤه بأراء رئيسه ولم يعد هناك إطمئنان لتنفيذ الأوامر نظراً لما سيبذله هذا من جهد لكي يفسرها على ضوء أرائه ، ومن ثم كان الإيمان بالرئيس خير ما يربط بين المرؤوسين .. على أن الإحترام لا ينبغي أن ينقلب إلى عبودية بطبيعة الحال ، فالمرؤوس إذا إستشعر - إن صواباً أو خطأً - أن رئيسه ينزلق إلى خطأ جسيم وجب عليه أن يصارحه بجرأة ، بيد أن هذا التعاون لن يؤتي أثراً في الواقع ما لم يكن خلف الصراحة إعجاب وإخلاص صادقان ، وإذا لم يقتنع المساعد بأن رئيسه أكثر خبرة منه وأصدق منه حكماً لم يحسن خدمته ، ولكن الواجب أن يكون إنتقاد المرؤوس لرئيسه حدثاً عابراً ، لا عادة متكررة ... ومن المأثور عن المارشال بيتان أنه كان إذا رُشح لأركان حربه ضابطاً جديداً صحبه إلى الريف وعرض عليه إحدى مسائل التكتيك العسكري ثم تطوع لحلها بنفسه ، فإذا أقر الضابط حله دون نقاش رفض المارشال أن يقبله ، أما إذا إنتقد الضابط أراء رئيسه العظيم في حزم لا ينتقص من إحترامه له .. فعندئذ كان يهنئه ويعينه في المكان الشاغر ... ولكن ماذا يفعل المرؤوس إذا كان متأكداً من أنه على صواب ومع ذلك أبى رئيسه أن يتقبل نقده ؟ إن عليه حينئذ أن يطيع الأمر بعد أن يقدم إعتراضاته ، فلن ُيقدر لعمل جماعي أن يسير دون نظام ، أما إذا كانت المسألة من الخطورة بحيث تترك أثراً باقياً في مستقبل دولة أو جيش أو مشروع تجاري ، فللمعارض أن يقدم إستقالته على أن يكون هذا آخر سلاح يلجأ إليه ، إذا ما دام المرء يشعر أن بوسعه أن يكون نافعاً كان بقاءه في منصبه واجباً في عنقه ، وقد يكون التهديد بالإستقالة سلاحاً كافياً في بعض الأحيان ، ولكن التهديدات لا ينبغي أن تتوالى بكثرة

إفهم رئيسك وأكمل نقصه

على المرؤوس أياً كانت درجته الوظيفية أن يهيء نفسه ويروضها على أساليب رئيسه في التفكير والعمل فقد تكون الأوامرالتي يتلقاها مبهمة أحياناً ، فيتعين عليه حينئذ أن يترجمها ويجلوها ، وقد تكون إقتراحات عامة تبعث في ظلمات المستقبل ومضات خاطفة أو مؤقتة ، فعليه كذلك أن يستخلص منها توجيهات مفصلة ، وإذا كان الرئيس فظاً أو قاسي الطباع كان على معاونه أن يخفف عمن يتعرضون لإهاناته وفظاظاته ، وأن يُبصر الزائرين - من طرف خفي - بالموضوعات التي ينبغي أن يتحاشوها لتجنب إغضابه ، وينبغي إحترام نزوات الرجل العظيم !! لأن الوقت الذي يلزم لمكافحتها أثمن من أن يبدد ، وخليق بالمرؤوس أن يعمل على فهم رئيسه ومسايرته طالما كان حتماً عليه أن يعاشره ، والموظف الحاذق هو الذي يعرف أي الكلمات يجب أن يتجنبها في وجود رئيسه لأنها تستثير فيه إنفعالات نفسية مؤلمة وتوقظ غضبه ، وهو الذي يعرف كيف يعرض على رئيسه أي موضوع بلباقة بحيث يستثير إهتمامه به ويضمن رضاءه عنه !! وهو ولا شك يدرك أخطاء رئيسه ومواطن ضعفه ولكنه لا يدع هذا الإدراك يقلل من إحترامه له ، بل أنه على العكس يعمل جهد طاقته ليسد النقص الذي في رئيسه

يتبع

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة