2007/03/11

3- فن العمل للرجل والمرأة


بالصبر والدأب ُتنجز الأعمال


يقول أندريه موروا أن كتابة تاريخ بلد من البلاد عملاً فوق طاقة البشر عند التفكير فيها لأول وهلة ، لكنك إن قسمتها إلى فترات وعصور ، وبدأت بالفترة التي تعرفها أكثر من سواها ثم أتبعتها بالتي تليها وهكذا فلسوف يدهشك أن تستبين ذات يوم أنك بلغت نهاية الطريق الشاق ، ولن يلبث القلب أن يكتسب جرأة بعد عدد من التجارب ، فالكاتب الذي ألف كثيراً من الكتب لا يخالجه شك ما في قدرته على أن يتم كتاباً شرع في وضعه على إرتقاء ركامات الكتب وكله ثقة في أنه بالغ يوماً ذروتها ، وهكذا هو حال المزارع الذي يقتطع الأعشاب من حقله ، فهو لا ينظر قط إلى الطرف الأقصى من الحقل ، كما أن ربة البيت التي تسعى لتنظيف بيتها إنما تتناول أرفف الأواني رفاً بعد رف

إن الأحمق يستسهل كل شيء ، فينتهي به الأمر إلى صدمات قاسية توقظه من غفلته ، والمتخاذل الخمول يرى كل أمر مستحيلاً فلا يأتي عمله ، أما صاحب الجد فيعلم أن جلائل الأعمال ميسورة ممكنة ، ومن ثم يعكف عليها في حكمة وتؤدة فلا يلبث أن ينجزها ، ولابد من النظام في العمل .. فما أكثر أولئك الذين يشكون من أن الحياة قصيرة ، ولكن كم منهم يعمل عمل الأحياء لثماني ساعات في كل نهار ؟ ، إن ما يستطيع أن يعمله الرجل الذي يجلس إلى مكتبه أو يذهب إلى مصنعه أو متجره منذ ساعة مبكرة من فجر كل يوم ليجل عن الوصف ، بل أن الكاتب الذي يكتب صفحتين فقط في اليوم الواحد ينجز بعد عمر طويل ما أنجزه بلزاك أو فولتير من مؤلفات من حيث الكمية لا من حيث المستوى طبعاً ، ولكن المسألة لا تقتصر على الجلوس إلى المكتب أو الوصول إلى المصنع ، بل لابد من توافر الهدوء ، فإن إنتاج العمل يزداد - إزدياد المتواليات الهندسية - إذا خلا مما يقطع إسترساله ، وهذا صحيح بالنسبة للكاتب الذي يحتاج إلى وقت لينسى العالم الخارجي ويستغرق في أفكاره وتخيلاته ، وهو صحيح كذلك بالنسبة للميكانيكي الذي يبحث عن سر خلل آلة من الآلات ، أو الصانع الذي ُيشغل بتلبية الطلبات المنهالة على إنتاجه ، أما العمل المفكك فلابد أن تظهر فيه آثار التعطل والتوقف التي تخللت إنجازه

يتبع

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة