2007/03/11

5- فن العمل للرجل والمرأة

العزلة أوفي رفيق


يقول إندريه موروا أن سلطان النظام عند شاعر ألمانيا الكبير جوته قد إمتد من ميدان العمل إلى ميدان العواطف والأحاسيس ، وهو محق في قوله بأننا إذا سلمنا أنفسنا لميولنا العاطفية - دون تحفظ - لأعجزنا ذلك عن القيام بأي عمل.. ولما كانت بواعث هذه الميول والغرائز طبيعية فلا سبيل إلى نصح الناس بـأن يضحوا بحياتهم العاطفية - في جميع نواحيها - من أجل العمل ، ولكن ينبغي أن نذكر دائماً في هذا الصدد قاعدتين أولاهما أن لا ندع الإنفعالات الفارغة أو المغالى فيها تحولنا عن عملنا ، فكم من درجات جامعية ضاعت بسبب نزوات غانية ! وثانيهما أن نضحي بكل شيء في سبيل العمل الذي يبرر ويستحق مثل هذه التضحية ، مثل ما فعل مارسيل بروست حين وقف حياته على إتمام عمله الأدبي الخالد البحث عن الأمل المفقود ، وكما يفعل الزعيم الوطني في وقت الحرب أو الأزمات العصبية حين يقف كل جهده وهمه على تأدية رسالته العظمى .. ومن المشاهد أن جميع كبار العاملين أو جلهم رجال يعرفون كيف يلجأون إلى العزلة من آن إلى آخر ، فهم يملكون بيوتاً في الريف ، او أكواخاً فوق الجبال ، أو بجوار البحر يطرحون فيها عنهم كل المسئوليات ، حتى مسئولياتهم إزاء من يرتبطون بهم بروابط الود والصداقة ، وهناك فقط ترتد الأحداث والمشاعر إلى مكانها الصحيح من الصورة الكبيرة الشاملة ، إذ أن أية مسرحية أو مقال في مجلة ، أو سخافة من لغو القول قد تبدو ذات أهمية في خضم الحياة في مدينة كبيرة فتستأثر من الشخص بنصيب من التفكير الجدي .. أما تحت السماء السامية في البقاع الخالية فإن هذه التوافه المزرية لا تلبث أن تهجع في الظلام وتختفي .. وإذ ذاك ترسى في هدأة الليل وطمأنينة الروح أسس الصروح الخالدة على أرض نُظفت وطُهرت من الأوشاب .

فما أوفى العزلة من رفيق

يتبع

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة

زوار المدونة

أون لاين


web stats
Powered By Blogger

مرات مشاهدة الصفحة